الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز لك التصدق على العامل المذكور، ولو كان كافرا، لأن الصدقة على الكافر جائزة، وإن كان المسلم، أولى وخاصة أهل الفضل وأهل الحاجات، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 112079.
أما بالنسبة للجزء الثاني من السؤال، فما دمت لم تخرج الصدقة بالفعل بحيث يستلمها مصرفها أو من يقوم مقامه وأنت تستطيع ذلك، فلا نستطيع الجزم بأنك تنال أجرالصدقة كل يوم بسبب تجميع المبلغ المذكورعندك، لكنك تؤجرعلى نية الخير ـ إن شاء الله تعالى ـ فقد نص أهل العلم على أن نية الخير المجردة يثاب عليها ولو لم تكن مصحوبة بعمل، ففي فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى: سئل رحمه الله عن قوله صلى الله عليه وسلم: نية المرء أبلغ من عمله.
فأجاب: هذا الكلام قاله غير واحد وبعضهم يذكره مرفوعا وبيانه من وجوه: أحدها: أن النية المجردة من العمل يثاب عليها والعمل المجرد عن النية لا يثاب عليه، فإنه قد ثبت بالكتاب والسنة وإتفاق الأئمة أن من عمل الأعمال الصالحة بغير إخلاص لله لم يقبل منه ذلك، وقد ثبت في الصحيحين من غير وجه عن النبي أنه قال: من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة. انتهى.
وقال العراقي في طرح التثريب عند كلامه على الحديث القدسي الذي رواه مسلم عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم ولفظه: قَالَ اللَّهُ إذَا تَحَدَّثَ عَبْدِي بِأَنْ يَعْمَلَ حَسَنَةً فَأَنَا أَكْتُبُهَا لَهُ حَسَنَةً مَا لَمْ يَفْعَلْهَا، فَإِذَا عَمِلَهَا فَأَنَا أَكْتُبُهَا لَهُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، فَإِذَا تَحَدَّثَ بِأَنْ يَعْمَلَ سَيِّئَةً فَأَنَا أَغْفِرُهَا لَهُ مَا لَمْ يَفْعَلْهَا، فَإِذَا عَمِلَهَا فَأَنَا أَكْتُبُهَا لَهُ بِمِثْلِهَا ـ قَوْلُهُ: إذَا تَحَدَّثَ عَبْدِي بِأَنْ يَعْمَلَ حَسَنَةً ـ الْمُرَادُ حَدَّثَ بِذَلِكَ نَفْسَهُ وَلَا يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى تَحَدُّثِهِ بِهِ بِلِسَانِهِ، وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى: وَإِذَا هَمَّ بِحَسَنَةٍ وَلَمْ يَعْمَلْهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً ـ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ إذَا مَنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ عُذْرٌ وَلَا تُكْتَبُ لَهُ الْحَسَنَةُ بِمُجَرَّدِ الْهَمِّ مَعَ الِانْكِفَافِ عَنْ الْفِعْلِ بِلَا عُذْرٍ، وَيُحْتَمَلُ حَمْلُهُ عَلَى إطْلَاقِهِ وَأَنَّ مُجَرَّدَ الْهَمِّ بِالْخَيْرِ قُرْبَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ مَانِعٌ. انتهى.
وانظر الفتوى رقم: 153195.
والله أعلم.