الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمعاملة حائز المال الحرام، منها المحرم ومنها المكروه. فتحرم إذا كانت في عين المال الحرام، سواء أكانت بيعاً أو شراء أو قبول هدية أو قرضاً. ولا تحرم إذا كان ماله اختلط حلاله بحرامه، وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن الذين غالب أموالهم حرام مثل المكاسين وأكلة الربا وأشباههم.. فهل يحل أخذ طعامهم بالمعاملة أم لا ؟ فأجاب: الحمد لله، إذا كان في أموالهم حلال وحرام ففي معاملتهم شبهة لا يحكم بالتحريم إلا إذا عرف أنه يعطيه ما يحرم إعطاؤه، ولا يحكم بالتحليل إلا إذا عرف أنه أعطاه من الحلال، فإن كان الحلال هو الأغلب لم يحكم بتحريم المعاملة، وإن كان الحرام هو الأغلب، قيل: بحل المعاملة. وقيل: بل هي محرمة. اهـ.
والراجح أن معاملة من أكثر ماله من الحرام مكروهة.
وقد ذكر السيوطي في الفروع الخارجة عن قاعدة: (إذا اجتمع الحلال والحرام غلب الحرام): فرع: معاملة من أكثر ماله حرام إذا لم يعرف عينه، لا يحرم في الأصح لكن يُكره. اهـ. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 6880.
وعلى ذلك ، فإن كان الأخ السائل يعلم أن هذا الشخص كل ماله من الحرام، أو أن هذه السلعة من عين المال الحرام، فلا يجوز له معاملته فيها. وإلا فلا تحرم معاملته فيها، وإن كان الأفضل أن يتجنب معاملته مطلقا؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ، فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ. رواه البخاري ومسلم واللفظ له.
والله أعلم.