الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يصلح حالكم، وأن يسهل أمركم، وأن يختار لنا ولكم ما فيه الخير، وأن يرفع عنا وعنكم الظلم والشر.
أما ما سألت عنه فله حالتان: الأولى: أن يكون صاحب العمل المذكور قد أخل بما تم الاتفاق عليه بخصوص مدة العقد وقام بفصل العامل قبل انقضاء مدة العقد المتفق عليها بينهما دون عذر معتبر. وحينئذ فإن للعامل أجرة المدة كلها ما دام ممكنا من نفسه للعمل، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة: 1}. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود.
جاء في الإنصاف: والإجارة عقد لازم من الطرفين ليس لأحدهما فسخها، وإن بدا له قبل تقضي المدة فعليه الأجرة.. قال في الرعاية: وكذا الخلاف والتفصيل إن أبى الأجير الخاص العمل أو بعضه... أو أبى المستأجر الانتفاع بهم كذلك، ولا مانع من الأجير والمؤجر. انتهى.
وبالتالي فعلى فرض حصول الفصل تعسفا قبل انقضاء مدة الإجارة وعلى غير ما اتفق عليه في العقد فيستحق العامل على رب العمل أجرته وتوفير مسكن له إن كان ملزما بذلك في فترة العقد وهكذا، وراجع في هذا الفتاوى أرقام: 106381 / 62773/ 148815.
والحالة الثانية: أن يكون صاحب العمل لم يخل بالاتفاق وأنهى خدمات العامل عند انتهاء مدة العقد، وفي هذه الحالة فإن صاحب العمل لايلزمه شيء تجاه العامل، من مسكن أوغيره أثناء تخليصه للمعاملات التي قد يحتاج بعضها زمنا، بل يتحمل العامل ذلك بنفسه إذ لا علاقة لرب العمل به . إلا ما كان لازما بالعرف أو القانون كما بينا في الفتوى رقم: 62773
لكن ننبه إلى أنه عند مماطلة رب العمل في أداء حق العامل واضطرار العامل لتأجير محام أوبذل نفقات سببها تلك المماطلة فله مطالبة رب العمل بذلك درءا للضرر ودفعا للظلم كما بينا في الفتوى رقم: 74340.
وأما عن حكم دخول ذلك العامل في من يدفع إليهم الزكاة فإنما يكون بالنظر إلى حاله وحاجته، فلو كان فقيرا معدما فإنه يعطى من الزكاة لفقره وفاقته وكذا لو كان غارما، وأما ابن السبيل فهو المسافر الذي انقطع عن بلده بسبب نفاد نفقته. وكذا منشئ السفر وليس له ما يعود به إلى بلده فيعطى من الزكاة مقدار ما يوصله فقط إن كان غنيا في بلده، وإلا أعطي للسفر وللفقر.
قال ابن قدامة في المغني: ابن السبيل هو الصنف الثامن من أهل الزكاة، ولا خلاف في استحقاقه وبقاء سهمه، وابن السبيل هو المسافر الذي ليس له ما يرجع به إلى بلده وله اليسار في بلده، فيعطى ما يرجع به وهذا قول قتادة، ونحوه قال مالك وأصحاب الرأي، وقال الشافعي: وهو المختار. ..فإن كان ابن السبيل فقيرا في بلده أعطي لفقره وكونه ابن السبيل لوجود الأمرين. انتهى.
وقال الخطيب الشربيني في مغني المحتاج: وابن السبيل أي الطريق منشئ سفر مباح من محل الزكاة سواء كان بلده أو مقيما فيه أو مجتازا به في سفره، واحدا كان أو أكثر ذكرا أو غيره.
وبالتالي فمن من كان من أولئك العمال يريد السفر إلى بلاده وليس له ما يوصله إليها فيعطى ما يوصله فقط إن كان غنيا وإلا أعطي لسفره ولفقره، وأما من لم يكن يريد العودة إلى بلده من أولئك العمال فلا ينطبق عليه وصف ابن السبيل، لكنه قد يعطى لفقره إن كان فقيرا معدما، وانظر الفتوى رقم: 27006.
والله أعلم.