الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تسأل عنه ناتج عن الوسوسة في مسائل الكفر والاستهزاء، وقد حذرناك مرارا بترك ذلك، ونسأل الله لك الشفاء، واعلم أن مجرد تسمية الحلوى (قدرة قادر) لا يجوزالتكفير به، وذلك أن المخلوق يوصف بالقدرة.
واستصحب دائما ما ذكرناه لك سابقا من قول أهل العلم أن من تكلم بكلام يحتمل الردة وغيرها لا يكفر بذلك، كما قال علي القارى في شرح الشفا: قال علماؤنا، إذا وجد تسعة وتسعون وجها تشير إلى تكفير مسلم ووجه واحد إلى إبقائه على إسلامه فينبغي للمفتى والقاضي أن يعملا بذلك الوجه، وهو مستفاد من قوله عليه السلام: ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن وجدتم للمسلم مخرجا فخلوا سبيله، فإن الإمام لأن يخطئ في العفو خير له من أن يخطئ في العقوبة. رواه الترمذي والحاكم . اهـ
وعليه، فوصفك لبعض المسلمين بالكفرالأكبر المخرج من ملة الإسلام، أمر خطير لا يجوز القيام به إلا لمن كان أهلا له كأهل العلم الراسخين والقضاة الشرعيين الذين ينظرون في توفر الشروط وانتفاء الموانع، ولا يكون هذا إلا ممن رسخت قدمه في علوم الشريعة، وعلم حال الشخص وعلم أن الحجة الشرعية قد أقيمت عليه، فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ليس لأحد أن يكفر أحداً من المسلمين ـ وإن أخطأ وغلط ـ حتى تقام عليه الحجة وتبين له المحجة، ومن ثبت إيمانه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك، بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة وإزالة الشبهة. مجموع الفتاوى.
وأما كفر المكفر للمسلم بغير حق فقد جاء في خطره الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم عن ابن عمر بلفظ: أيما رجل قال لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما. وزاد مسلم في رواية: إن كان كما قال؛ وإلا رجعت عليه. وفي لفظ آخر عند مسلم: إذا كفر الرجل أخاه فقد باء بها أحدهما.
وقد نص أهل العلم أن لفظة الكفر في الحديث محمولة على الكفر الأصغر، واستدلوا بحديث ثابت بن الضحاك عند البخاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولعن المؤمن كقتله، ومن رمى مؤمناً بالكفر فهو كقتله.
والقتل ليس كفراً، وقد شبه به تكفير المؤمن.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الاستقامة: فقد سماه أخا حين القول، وقد قال: فقد باء بها. فلو خرج أحدهما عن الإسلام بالكلية لم يكن أخاه. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: هذه الأحاديث على وجه التغليظ والتشبيه بالكفار لا على وجه الحقيقة. انتهى.
هذا عن معنى الحديث والمراد بالكفر فيه.
والله أعلم.