الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإذا كان شجر التبغ لا يراد إلا لصنع الدخان فإنه لا يجوز غرسه، لما في الدخان من الضرر، وإذا تقرر تحريم غرسه فإن أهل العلم ذكروا حرمة إعارة الشيء إذا كان المستعير سيستعمله في المعصية, قال الخرشي في شرح خليل: لَا يَجُوزُ إعَارَةُ السِّلَاحِ لِمَنْ يُقَاتِلُ بِهَا الْمُسْلِمِينَ وَمَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ مِمَّا لَازَمَهُ أَمْرٌ مَمْنُوعٌ. اهــ.
وجاء في مطالب أولي النهى: وَتَحْرُمُ إعَارَةُ آنِيَةٍ لِمَنْ يَتَنَاوَلُ بِهَا مُحَرَّمًا، مِنْ نَحْوِ خَمْرٍ، وَإِعَارَةِ إنَاءِ نَقْدٍ ـ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ ـ وإعَارَةُ سِلَاحٍ فِي فِتْنَةٍ، وَإِعَارَةُ دَابَّةٍ مِمَّنْ يُؤْذِي عَلَيْهَا مُحْتَرَمًا، وَإعَارَةُ أَمَةٍ أَوْ عَبْدٍ لِغِنَاءٍ أَوْ نَوْحٍ أَوْ زَمْرٍ وَنَحْوِهِ، وَإعَارَةُ دَارٍ لِفِعْلِ مَعْصِيَةٍ فِيهَا. إلخ. اهــ.
ومثله قول الحطاب في مواهب الجليل عن حكم الإعارة التي تعين على المعصية: وَحُرْمَتُهَا كَكَوْنِهَا مُعِينَةً عَلَى مَعْصِيَةٍ. اهــ.
وإذا كنت قد أعرت للشخص الأرض دون أن يكون عندك علم بأنه يريدها لأمر غير مباح فإنك تكون بذلك معذورا ولا يلحقك الإثم، ولكنك إذا قدرت على استردادها منه قبل استغلاله لها في المحرم ولم تفعل كنت آثما فيما يظهر لنا، لأنك بإبقائها عنده تعينه على الإثم، والله تعالى يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.
والله أعلم.