الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما نذرك صوم الإثنين والخميس فإنه نذر صحيح منعقد يلزمك الوفاء به، لما ثبت في الصحيح من حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنه صلى الله عليه وسلم قال: من نذر أن يطيع الله فليطعه.
قال ابن قدامة في المقنع: الْخَامِسُ: نَذْرُ التَّبَرُّرِ، كَنَذْرِ الصِّيَامِ، وَالصَّلَاةِ، وَالصَّدَقَةِ، وَالِاعْتِكَافِ، وَالْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ، وَنَحْوِهَا مِنَ التَّقَرُّبِ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ، سَوَاءٌ نَذَرَهُ مُطْلَقًا، أَوْ عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ يَرْجُوهُ، فَقَالَ: إِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي أَوْ سَلَّمَ مَالِي، فَلِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا فَمَتَى وُجِدَ شَرْطُهُ انْعَقَدَ نَذْرُهُ، وَلَزِمَهُ فِعْلُهُ. انتهى.
وأما ما أفطرته من الأيام فيلزمك قضاؤها، قال ابن حجر المكي في تحفة المحتاج في الكلام على من نذر صوم سنة معينة: وَإِنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْهَا بِلَا عُذْرٍ وَجَبَ قَضَاؤُهُ، لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ، وكذا اليوم الذي أفطرته بعذر المرض في عشر ذي الحجة يلزمك قضاؤه، وقال الخطيب الشربيني في لزوم القضاء لمن أفطر في النذر المعين بعذر المرض: وهذا أوجه. انتهى.
وأما الكفارة: فهي واجبة عليك عند الحنابلة لتركك الوفاء بنذر الصوم المعين لغير عذر، وأما إفطارك لعذر ففي لزوم الكفارة فيه قولان، ولعل الراجح عدم لزومها فيما أفطرته لعذر، لكونك لم تفرطي، قال في المقنع: وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ مُعَيَّنٍ، فَلَمْ يَصُمْهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ، فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَكَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَإِنْ لَمْ يَصُمْهُ لِعُذْرٍ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَفِي الْكَفَّارَةِ رِوَايَتَانِ. انتهى.
والخلاصة أن الواجب عليك قضاء ما أفطرته من أيام لغير عذر، وكذا ما أفطرته بسبب المرض، وعليك الكفارة عند الحنابلة لتركك الوفاء بالنذر لغير عذر، ولا كفارة عليك لإفطارك لعذر، وأما ما عاهدت الله عليه، فإن كنت تلفظت باللسان بلفظ العهد أو نحوه فهذا حكمه حكم النذر تجب الكفارة في ترك الوفاء به، وأما إن لم تتلفظي بلسانك فلا شيء عليك، وانظري الفتوى رقم: 119553.
ولا تلزمك الكفارة لنذر لا تذكرينه، فما دمت تشكين في انعقاد النذر فالأصل عدم انعقاده، ولا تلزمك الكفارة بمجرد الشك وانظري الفتوى رقم: 160531.
وإذا تيقنت النذر وشككت في الوفاء لزمك الوفاء، لأن الأصل عدم الوفاء.
والله أعلم.