الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولا أن العلماء القائلين بجواز فعل ذوات الأسباب في وقت النهي ـ وهم الشافعية ـ اختلفوا فيما إذا دخل المسجد ومثله لو توضأ أو نحو ذلك بقصد أن يصلي، فهل يكره له ذلك أو لا؟ والأصح عندهم الكراهة، قال أبو زكريا النووي رحمه الله: وَأَمَّا تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ فَقَالَ أَصْحَابُنَا: إنْ دَخَلَهُ لِغَرَضٍ كَاعْتِكَافٍ أَوْ لِطَلَبِ عِلْمٍ أَوْ انْتِظَارِ صَلَاةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْأَغْرَاضِ صَلَّى التَّحِيَّةَ، وَإِنْ دَخَلَهُ لا لحاجة، بل ليصلي التحية فقط وجهان أَرْجَحُهُمَا الْكَرَاهَةُ، كَمَا لَوْ تَعَمَّدَ تَأْخِيرَ الْفَائِتَةِ لِيَقْضِيَهَا فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَتَحَرَّوْا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا. انتهى.
وبه تعلم أن ما تريد فعله من تعمد الحدث لتتوضأ ثم تصلي في وقت النهي مما لا يجوز لك فعله، لأن الكراهة في كلام الإمام النووي ـ رحمه الله ـ هي كراهة تحريمية، ثم إن هذا الوقت وقت ذكر لله تعالى فاشغل نفسك بذكر الله تعالى وقراءة القرآن ونحو ذلك من العبادات، وكنا قد بينا لك في الفتوى رقم: 162263، أنك تؤجر ـ إن شاء الله ـ بنيتك المكث في المسجد وأنك تحصل أجر منتظر الصلاة وإن انتظرتها في بيتك، فهون عليك أيها الأخ الكريم فإن طاعة الله تعالى وعبادته وذكره لا تتعين في المسجد.
والله أعلم.