الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأذان الأول للفجر سنة ولها حكمة بيناها في الفتوى رقم: 101337.
وأما وقته فقد اختلف فيه أهل العلم, قال ابن عبدالبر: اخْتَلَفُوا فِي وَقْتِهِ، وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: أَنَّهُ يَكُونُ فِي وَقْتِ السَّحَرِ بَيْنَ الْفَجْرِ الصَّادِقِ وَالْكَاذِبِ، قَالَ : وَيُكْرَهُ التَّقْدِيمُ عَلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ. انتهى.
واختار النووي أنه يبدأ من نصف الليل الثاني كما نقله عنه ابن حجر قائلا في فتح الباري: وصحح النووي في أكثر كتبه أن مبدأه من نصف الليل الثاني. انتهى.
وعليه، فإن الأذان قبل الفجر بساعة مشروع كما قرره أهل العلم فلا ينبغي للمؤمن أن ينزعج منه، بل يحاول أن يتعايش معه ويستفيد منه، فإن كان صاحب انتباه سريع للأذان قام فتوضأ فصلى الوتر ولو ركعة واحدة يسأل الله فيها أن يعينه على دينه ودنياه, فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له. رواه مالك والبخاري ومسلم.
ثم يعود للفراش حتى يؤذن الفجر فيقوم يصلي مع المسلمين فيكون قد حصل أجر الآخرة والقوة في الدنيا، فإن ذكر الله يورث القوة, يقول ابن القيم في كتابه الوابل الصيب: أن الذكر يعطي الذاكر قوة حتى إنه ليفعل مع الذكر ما لم يظن فعله بدونه، وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمة وعليا ـ رضي الله عنهما ـ أن يسبحا كل ليلة إذا أخذوا مضاجعهما ثلاثا وثلاثين ويحمدا ثلاثا وثلاثين ويكبرا أربعا وثلاثين لما سألته الخادم وشكت إليه ما تقاسيه من الطحن والسعي والخدمة فعلمها ذلك وقال: إنه خير لكما من خادم ـ فقيل إن من داوم على ذلك وجد قوة في يومه مغنيه عن خادم.
والله أعلم.