الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقصد المساجد للدعاء والذكر في يوم عرفة مما اختلف العلماء في مشروعيته، فجوزه بعضهم وكرهه آخرون، وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ هذه المسألة فقال في الاقتضاء ما لفظه: فأما قصد الرجل مسجد بلده يوم عرفة للدعاء والذكر فهذا هو التعريف في الأمصار الذي اختلف العلماء فيه، ففعله ابن عباس، وعمرو بن حريث من الصحابة وطائفة من البصريين والمدنيين ورخص فيه أحمد، وإن كان مع ذلك لا يستحبه هذا هو المشهور عنه، وكرهه طائفة من الكوفيين والمدنيين: كإبراهيم النخعي وأبي حنيفة ومالك، وغيرهم، ومن كرهه قال: هو من البدع، فيندرج في العموم لفظا ومعنى، ومن رخص فيه قال: فعله ابن عباس بالبصرة حين كان خليفة لعلي بن أبي طالب ـ رضي الله عنهما ـ ولم ينكر عليه، وما يفعل في عهد الخلفاء الراشدين من غير إنكار لا يكون بدعة، لكن ما يزاد على ذلك من رفع الأصوات الرفع الشديد في المساجد بالدعاء، وأنواع من الخطب والأشعار الباطلة مكروه في هذا اليوم وغيره. انتهى.
على أن قصد الدعاء وقت نفير الحجيج بخصوصه مما لا نعلم له أصلا، ولا يختص هذا الوقت بمزيد فضل، فتخصيص هذا الوقت بالدعاء في جماعة والمداومة على هذا الفعل عاما بعد عام مما يخشى أن يكون داخلا في حد البدعة الإضافية، على أن ترك التعريف جملة أولى خروجا من خلاف من كرهه من العلماء وبخاصة في حق النساء اللائي لا يستحب لهن شهود الجماعات فههنا أولى.
والله أعلم.