الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهنيئا لك بكبح جماح غضبك وصبرك، أثابك الله على ذلك، فإن من الأعمال العظيمة التي يؤجر المسلم عليها تجاوزه عما يلاقيه من إساءات الجيران ولا يقابل السيئة بمثلها، بل يصفح ويعفو ويدفع بالتي هي أحسن، ليظفر بمغفرة الله وأجره وعونه ومعيته، ومحبة المخاصم وقربه. فالله يقول: وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. [التغابن:14]. ويقول سبحانه: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ. [الشورى:40]. ويقول سبحانه: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ. [فصلت:34-35]
وقد جاء رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: فقال يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عليهم، ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما تقول، فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. رواه مسلم.
ولا شك أنه قد أساء وظلم من يؤذي جاره الذي وصى الشارع بالإحسان إليه ونهى عن أذاه، ونفى الإيمان عمن لا يأمنه جيرانه فقد قال الله تعالى: وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا {النساء:36}.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه. رواه الشيخان عن عائشة وابن عمر رضي الله عنهم.
وفيهما أيضاً عن أبي هريرة يقول صلى الله عليه وسلم: والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، من لا يأمن جاره بوائقه. وفيهما أيضاً عنه قوله صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره.
وأخطر هذا الأذى محاولة سحره، ولكنه لا يجوز اتهام شخص بأنه قد عمل السحر من غير بينة.
وينبغي نصح هذا الجار وتخويفه بالله، فإن انتهى فبها ونعمت، وإلا فيمكن رفع أمره إلى المسؤولين، والاستعانة عليه بالله ثم بكل وسيلة متاحة، وإياك من الاعتداء عليه فضلا عن أبنائه أو أهله الذين لا ذنب لهم، وراجع للمزيد في شأن التعامل مع الجار المسيء وفي الدعوات الواقية من كيده بإذن الله الفتوى رقم :48265، والفتوى رقم: 93473 . وراجع في الطرق الشرعية لعلاج السحر الفتويين: 2244،80694.
والله أعلم.