الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمما لا شك فيه أن تشريع رب العالمين غاية في الحكمة والعدل لأنه سبحانه الحكم العدل لا يظلم أحدا، فأقواله كلها صدق وأحكامه كلها عدل، قال تعالى: وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا. [الأنعام:115 ].
قال ابن كثير في تفسيره: أي: صدقا في الأخبار، وعدلا في الأوامر والنواهي. اهـ.
وإذا أساء أحد المسلمين وتعسف في أخذ حق منحه إياه الشرع فلا تنسب تلك إساءة إلى الشرع، ولا يطعن فيه بمقتضى تصرفات الأفراد الخاطئة.
والمرأة لها الحق في مالها الذي تكتسبه، فهو حق خالص لها لا يجوز لزوجها إلزامها بإنفاق شيء منه في البيت، بل الزوج ملزم شرعا بالنفقة على أهله وعياله، وراجعي الفتويين 45960 / 127317. فليس من حق زوجك أن يغضب عليك لأجل ما ذكرت، وإقدامه على التلفظ بالطلاق لهذا السبب نوع من الحمق، والطلاق إنما شرع للحاجة، فإذا لم تكن ثمة حاجة كره لما يترتب عليه من آثار سيئة. وهذا اللفظ الذي تلفظ به زوجك صريح في الطلاق فيقع به الطلاق، وحصوله في حالة غضب لا يمنع وقوعه، فليس كل غضب يمنع وقوع الطلاق كما بينا بالفتوى رقم 35727.
والإسلام قد أعطى الرجل الحق في إرجاع زوجته وليس لها هي ولا وليها الحق في الامتناع، بشرط أن لا يكون هدف الزوج من ذلك الإضرار، بل إصلاح ما أفسدته تلك الكلمة، قال تعالى: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا. [البقرة:228 ].
إذن فليس المقصود تسليطه على المرأة، بل إننا نجد أن القرآن في عدة آيات يحذر الأزواج من التسلط على زوجاتهم واستغلال القوامة في إذلالهن، ولمزيد الفائدة يمكنك الاطلاع على الفتوى رقم 18814.
هذا بالإضافة إلى أن الشرع قد جعل للزوجة مخرجا إن كرهت المقام مع زوجها، فلها أن تطلب الطلاق للضرر، فإن أبى الزوج أن يطلقها خالعته على عوض، وليس للزوج الحق في أخذ هذا العوض إن كان هو السبب في طلب زوجته للخلع كما نص على ذلك بعض الفقهاء. وراجعي الفتوى رقم 93285.
وننصحكما بالصلح والحرص على التعاون والتفاهم بينكما، فبمثل هذا تتحقق السعادة في الأسرة، قال تعالى: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ. [النساء:128 ] والطلاق سيء العواقب في الأعم الغالب.
والله أعلم.