الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمنهج النبوي في التربية والتعليم هو منهج التدرج، وهو سنة كونية، فما أتي جملة ربما ذهب جملة، وما جاء إلى الناس شيئا فشيئا 0000000000000كان أدعى للثبات والدوام والاستقرار، قال تعالى: وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا { الفرقان 32}.
فمن أجل هذا تدرج الله تعالى في إنزال التشريعات، فقبل أن ينزل الحلال والحرام نزلت السور والآيات التي تعرف الناس بربهم، وتذكر بالجنة والنار حتى يستقر الإيمان في القلوب ثم بعد ذلك يسهل الامتثال، روى البخاري عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها قالت: إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر لقالوا: لا ندع الخمر أبداً، ولو نزل لا تزنوا لقالوا: لا ندع الزنا أبداً ...الحديث.
ولم تفرض الصلاة إلا بعد مرور عشر سنوات من البعثة ولم يفرض الصوم والزكاة والحج إلا بعد الهجرة، فكل هذا مراعاة لهذا الجانب التربوي العظيم، ونحن لا نقول لا تعلموهم الأحكام المتعلقة بالمعازف وتغطية الوجه ونحوها ولكن نقول لا تشددوا عليهم في جانب التطبيق حتى يستقر الإيمان في قلوبهم، فهم حديثوا عهد بكفر، فالتشديد معهم في مثل هذه الأمور ربما صدهم عن سبيل الله، ولا سيما مسألة تغطية الوجه والتي هي محل خلاف كبير بين العلماء، إضافة إلى أنها محل حساسية كبيرة في بعض الدول الغربية، فالمقصود سلوك سبيل القصد فلا إفراط ولا تفريط، ولمزيد الفائدة راجع الفتويين رقم: 25075، ورقم: 58124.
والله أعلم.