الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يستحب للمسلم في حالة البول أن يكون قاعدا، لأنه أقرب للستر، ويكره أن يبول قائماً لغيرعذر، وينبغي تعويد الطفل على ذلك، لأنه من آداب قضاء الحاجة، قال ابن قدامة في المغني: ويستحب أن يبول قاعدا، لئلا يترشش عليه، قال ابن مسعود: من الجفاء أن تبول وأنت قائم، وكان سعد بن إبراهيم لا يجيز شهادة من بال قائما، قالت عائشة: من حدثكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبول قائما فلا تصدقوه ما كان يبول إلا قاعدا، قال الترمذي: هذا أصح شيء في الباب، وقد رويت الرخصة فيه عن عمر وعلي وابن عمر وزيد بن ثابت وسهل بن سعد وأنس وأبي هريرة وعروة، وروى حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى سباطة قوم فبال قائما ـ رواه البخاري وغيره، ولعل النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك لتبيين الجواز ولم يفعله إلا مرة واحدة، ويحتمل أنه كان في موضع لا يتمكن من الجلوس فيه. وقيل: فعل ذلك لعلة كانت بمأبضه ـ والمأبض ما تحت الركبة من كل حيوان. انتهى.
وفي الخرشي على مختصر خليل في الفقه المالكي عند قول المؤلف: ندب لقاضي الحاجة جلوس ومنع برخو نجس ـ والمعنى أنه يندب لمريد البول إذا كان المكان رخوا طاهرا الجلوس، لأنه أقرب للستر، ويجوز له القيام إذا أمن الاطلاع، وإن كان رخوا نجسا منع الجلوس، لئلا ينجس ثوبه، وتعين القيام حيث أراد البول في ذلك المحل، وقولنا لمريد البول احتراز من مريد الغائط فإنه لا يجوز له القيام كما في التوضيح وغيره. انتهى.
والله أعلم.