الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الغسل من الجنابة شرط لصحة الصلاة, فمن صلى بغير غسل بطلت صلاته إلا أنه لا يأثم إن كان ذلك عن جهل منه -كما وقع من زوجتك- , واختلف أهل العلم في وجوب إعادة الصلوات التي صلاها بغير طهارة في مثل هذه الحالة , فأكثرهم على وجوب قضائها، وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى إلى أن من ترك شرطا أو ركنا في الصلاة جاهلاً بحكمها أنه لا تجب عليه إعادة ما مضى، بل يعيد الصلاة الحاضرة ما دامت في وقتها بعد علمه, ويحافظ مستقبلا على ما علم, واستدل على ذلك بأدلة كثيرة.
فقال في مجموع الفتاوى: وأما من لم يعلم الوجوب فإذا علمه صلى الوقت وما بعدها ولا إعادة عليه، كما ثبت في الصحيحين أن النبي قال للأعرابي المسيء في صلاته: ارجع فصل فإنك لم تصل، قال: والذي بعثك بالحق لا أحسن غير هذا فعلمني ما يجزيني في صلاتي فعلمه، وقد أمره بإعادة صلاة الوقت ولم يأمره بإعادة ما مضى من الصلاة مع قوله لا أحسن غير هذا، وكذلك لم يأمر عمر وعماراً بقضاء الصلاة، وعمر لما أجنب لم يصل، وعمار تمرغ كما تتمرغ الدابة. ولم يأمر أبا ذر بما تركه من الصلاة وهو جنب، ولم يأمر المستحاضة أن تقضي ما تركت مع قولها: إني أستحاض حيضة شديدة منعتني الصوم والصلاة. انتهى.
وهذا القول الأخير قوي من جهة الأدلة وخصوصها في المسألة.
فإن أرادت زوجتك أن تحتاط لصلاتها وأن تأخذ بالقول الأول وهو قول الأكثر فإنها تتحرى مدة يغلب على ظنها براءة ذمتها بها فتقضي تلك الصلوات .
والله أعلم.