الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أجبناك على سؤالك السابق في الفتوى رقم : 162467
وأما بخصوص حلفك على زوجتك بالطلاق الثلاث ألا يجمعكما بيت إذا لم تخبرك بحقيقة الكلام الذي أشاعوه عنك، فإن كانت أخبرتك بما تعرفه –كما هو الظاهر- فلا إشكال حينئذ لأن يمينك قد انحلت ولم يعد ثمت شيء، وأما إن كنت حنثت في يمينك بمخالفة زوجتك لك فيما قصدته، فهاهنا احتمالان:
الأول : أن تكون قصدت حقيقة ألا يجمعكما بيت واحد، ففي هذه الحال إذا اجتمعتما في بيت واحد طلقت منك ثلاثا.
والاحتمال الثاني: أن تكون قصدت الطلاق بقولك : لا يجمعنا بيت واحد. ففي هذه الحال تطلق منك زوجتك طلقة واحدة، لأن هذا بمنزلة قولك: عليّ الطلاق بالثلاث إذا لم تخبريني فأنت طالق.
فقد سئل الشيخ عليش عَمَّنْ قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا إنْ كَلَّمْتِ زَيْدًا تَكُونِي طَالِقًا فَهَلْ يَلْزَمُهُ إنْ كَلَّمَتْ زَيْدًا الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ : الْحَمْدُ لِلَّهِ يَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ إنْ لَمْ يَنْوِ أَكْثَرَ ; لِأَنَّ جَوَابَ الشَّرْطِ تَكُونِي طَالِقًا , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ , وَتَقَدَّمَ لَنَا أَنَّ هَذَا مِنْ تَعْلِيقِ التَّعْلِيقِ يَتَوَقَّفُ لُزُومُ الثَّلَاثِ فِيهِ عَلَى مَجْمُوعِ شَيْئَيْنِ : كَلَامُهَا زَيْدًا , وَعَدَمُ طَلَاقِهَا , وَهِيَ تَطْلُقُ بِمُجَرَّدِ الْكَلَامِ فَلَمْ يُوجَدْ مَجْمُوعُ الشَّيْئَيْنِ فَلَمْ يَلْزَمْهُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ. فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك.
وهذا كله على مذهب الجمهور، خلافا لشيخ الإسلام ابن تيمية الذي يرى أنك ما دمت لا تقصد الطلاق وإنما تقصد التهديد فلا يقع بذلك طلاق وإنما تلزمك كفارة يمين، فالذي ننصحك به أن تعرض المسألة على المحكمة الشرعية أو على من تمكنك مشافهته من أهل العلم الموثوقين.
والله أعلم.