الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ممارسة العادة السرية أمر محرم شرعاً، ومستقبح طبعا وله أضرار صحية ذكرناها في الفتوى رقم :70396، فتجب على السائل التوبة منها بالتوقف عنها والندم على مما رستها والعزم على ألا يعود إليها، مع الاستعانة بالله تعالى في تركها وبذل ما أمكن من الأسباب المشروعة المساعدة على ذلك، ثم إن ما نذرته لمنع نفسك من تلك الممارسة هو ما يسمى بنذر اللجاج أو الغضب، وهو الذي يخرج مخرج اليمين، بأن يمنع نفسه أو يحثها على شيء.
وهذا النذر لا يلزم الوفاء به إذا حصل الحنث؛ بل يخير صاحبه بين الوفاء به على نحو ما نذر وهو هنا صيام شهر متتابع وبين أن يكفر كفارة يمين،، كما سبق بيانه في الفتوى رقم :17466، والفتوى رقم : 30392، هذا عما يجب بسبب الحنث في نذر اللجاج أو الغضبز
أما هل يعتبر ما حصل من التفكير ونزول السائل المذكور حنثا أم لا، فالظاهرأنه إذا لم يقصد بالتفكير فيما يثيره إخراج المني وقضاء الشهوة فإنه لا يحنث بخروج السائل المذكور، ولوافترض أنه مني لأن مجرد التفكير العارض لا يعتبر استمناء، فإن الفقهاء عرفوا الاستمناء بأنه استخراج المني بغير جماع، أي بمعالجة الإنسان خروجه يقظة حتى يخرج سواء كان ذلك بيده أو فراشه وما أشبه ذلك.
قال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج في تعريف الاستمناء: وهو استخراج المني بغير جماع حراما كان كإخراجه بيده، أو مباحا كإخراجه بيد حليلته . انتهى. وانظر الفتوى رقم ،137646 ، لمزيد الفائدة فيما يتعلق بالموضوع.
مع التنبيه أن ما ينزل من الذكر لا يمكن اعتباره منيا إلا بتوفر مواصفاته، فإن شك هل هو مني أو مذي -كما هو الحاصل هنا- خيرالمكلف بين اعتباره منيا فيغتسل أو مذيا فيغسله ويغسل ما أصيب به من بدنه أو ثوبه ولا يجب غسل الجنابة.
وننبه السائل إلى أن أفضل طريقة لمنع النفس من هواها وكبحها عن ارتكاب المحرم من شهواتها هو: المراقبة لله تعالى، واستحضار كونه مطلعاً على ما يسر وما يعلن، وأن هناك حفظة موكلين به لا يغادرون صغيرة ولا كبيرة إلا سجلوها عليه، ومن أفضل طرق الوقاية من هذا العمل الزواج أو الصوم، فقد أرشد إليهما رسول الله صلى الله عليه بقوله: يا معشر الشباب: من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء. متفق عليه، واللفظ لمسلم.
وقد سبق لنا بيان دواء داء التفكير في الجنس، وكيف يسيطر الشاب على غريزته، وذلك في الفتويين: 35373، 98177. كما سبق أن سقنا في الفتوى رقم: 132647 ، كلاما نفيسا لابن القيم عن أهمية حراسة الخواطر وحفظها، وكيفية الوصول لذلك. فراجعها للأهمية.
والله أعلم.