الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخلاف في وجوب ستر المرأة وجهها وكفيها عن الأجانب خلاف سائغ معتبر، والواجب على المسلم في مسائل الخلاف أن يعمل بما يطمئن إلى موافقته للحق. فإن كان الإنسان من أهل الاجتهاد فهذا يعمل بما ترجح عنده بالدليل الشرعي، وإن كان من العوام، فإنه يجوز له تقليد مذهب معين أو سؤال من يثق في علمه دون اتباع للهوى أو تتبّع للرخص.
قال الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه: فإن قال قائل فكيف في المستفتي من العامة إذا أفتاه الرجلان واختلفا، فهل له التقليد؟ قيل: إن كان العامي يتسع عقله، ويكمل فهمه إذا عقِّل أن يعقل، وإذا فُهِّم أن يفهم، فعليه أن يسأل المختلفين عن مذاهبهم، وعن حججهم فيأخذ بأرجحها عنده، فإن كان له عقل يقصر عن هذا، وفهمه لا يكمل له، وسعه التقليد لأفضلهما عنده. انتهى. وانظري الفتوى رقم: 17519.
وعلى ذلك فإن ظهر لك أن الصحيح وجوب ستر الوجه والكفين فلا يجوز لك كشفهما، وإن ظهر لك جواز كشفهما فلا حرج عليك في كشفهما، وإن اقتصرت على كشفهما حيث تؤمن الفتنة فلا حرج عليك ما دمت في كل ذلك تعملين بما يطمئن إليه قلبك وليس اتباعا للهوى.
وعلى كل حال فإن ستر الوجه أفضل لما فيه من تمام الصيانة وكمال الاحتشام والتشبه بأمهات المؤمنين .
والله أعلم.