الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتجدر الإشارة أولا إلى أن القول بأن الشخص المذكور يؤمن بمضمون الشهادتين ويؤمن بالقرآن وهو يقول عن نفسه إنه ليس مسلماً ولا يصلي فيه تناقض، لأن الإيمان بمضمون الشهادتين وبالقرآن يناقض الكفر وعلى كل حال، فإن كان هذا الشخص قد أقر على نفسه بكونه غير مسلم مع عدم اتصافه بمانع من موانع الكفر من جهل أو تأول أو إكراه إلى آخر ما سبق في الفتويين رقم: 12800، ورقم: 721، فإنه يحكم بكفره. قال الشيخ الدردير ممزوجا بمتن خليل: الردة كفر المسلم المتقرر إسلامه بالنطق بالشهادتين مختارا ويكون بأحد أمور ثلاثة بصريح من القول كقوله أشرك أو أكفر بالله. اهـ.
وفي البحر الرائق لابن نجيم الحنفي متحدثا عن تعليق الكفر على أمر معين: فإن قيل لو قال هو كافر بالله ولم يتبدل اعتقاده يجب أن يكفر فليكفر هنا بلفظ هو كافر، وإن لم يتبدل اعتقاده قلنا النازل عند وجود الشرط حكم اللفظ لا عينه فليس هو متكلما بعد وجود الشرط بقوله هو كافر حقيقة. اهـ.
والحاصل أن اللفظ الموجب للتكفير لا يحتاج إلى تبدل الاعتقاد بخلاف ما إذا كان معلقا بالشرط، ولو كان كائنا كما أن ترك الصلاة يعتبر كفرا مخرجا عن الملة إذا كان الشخص جاحدا لوجوبها، وأما تركها كسلا فليس بكفر عند الجمهور، وراجع الفتوى رقم: 127281.
وبناء على ما سبق، فإن كان الشخص المذكور محكوما بكفره فالنكاح باطل يجب فسخه فورا، لأن الكافر لا ولاية له على المرأة المسلمة، جاء في المغني لابن قدامة: أما الكافر فلا ولاية له على مسلمة بحال بإجماع أهل العلم منهم مالك والشافعي وأبو عبيد وأصحاب الرأي، وقال ابن المنذر أجمع على هذا كل من نحفظ عنه من أهل العلم. انتهى.
وبالنسبة لشاهدي النكاح فلا بد أن يكونا مسلمين إذا كانت الزوجة مسلمة كذلك، فإن كانت الزوجة كتابية وزوجها مسلم فقد أجاز الإمام أبوحنيفة وصاحبه أبو يوسف شهادة الكافر على نكاحها، جاء في الموسوعة الفقهية: ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي شَاهِدَيِ النِّكَاحِ الإْسْلاَمُ، وَذَلِكَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى نِكَاحِ الْمُسْلِمِ الْمُسْلِمَةَ بِاتِّفَاقٍ بَيْنَهُمْ، فَلاَ يَنْعَقِدُ هَذَا النِّكَاحُ بِشَهَادَةِ غَيْرِ الْمُسْلِمِ، لأِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْل الْوِلاَيَةِ عَلَى الْمُسْلِمِ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: وَلَنْ يَجْعَل اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً ـ وَقَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ نِكَاحَ إِلاَّ بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ ـ وَخَالَفَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ فَقَالاَ: إِذَا تَزَوَّجَ الْمُسْلِمُ ذِمِّيَّةً بِشَهَادَةِ ذِمِّيَّيْنِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ، سَوَاءٌ كَانَا مُوَافِقَيْنِ لَهَا فِي الْمِلَّةِ أَوْ مُخَالِفَيْنِ، لِعُمُومِ الأْدِلَّةِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَلأِنَّ لِلْكَافِرِ وِلاَيَةً عَلَى الْكَافِرِ. انتهى.
وفي حال فساد النكاح لكفر الولي أو الشاهدين وأراد الزوجان تجديده فلا بد أن يكون ذلك بحضور ولي المرأة الذي يلي أخاها حسب الاستحقاق الذي سبق بيانه في الفتوى رقم: 129293.
والله أعلم.