الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تجب عليك الهجرة من بلدك هذه، لأنها دار إسلام، والهجرة إنما تجب من دار الكفر، والذي ننصحك به ألا تهاجر من بلدك ذاك لما تشتمل عليه إقامتك فيه من المصالح العظيمة من نشر للسنة وإعانة على التمسك بها ومراغمة لأهل البدع وتكثير سواد أهل الحق لئلا تخلو البلد للبدعة وأهلها، والشرع قد أتى بتحصيل المصالح وتكميلها وتقليل المفاسد وتعطيلها، على أن تلتزم من الهدي الظاهر بما يمكنك الالتزام به دون خوف ضرر، وتوطن نفسك على الالتزام بما عجزت عنه الآن متى أمكنت الفرصة، وأما ما عجزت عن تطبيقه من الهدي الظاهر فلا حرج عليك في تركه، وقد بين شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ أن ترك الهدي الظاهر لمصلحة راجحة قد يجوز أو يستحب مثل ما لو وجد الشخص في دار الحرب أو في بلاد الكفار وكان في التزامه بالهدي الظاهر ضرر عليه، أو كان في ترك التزامه به مصلحة للمسلمين، والحال المذكورة في معنى ما ذكره الشيخ، بل قد تكون أولى، قال شيخ الإسلام في الاقتضاء ما لفظه: ومثل ذلك اليوم: لو أن المسلم بدار حرب، أو دار كفر غير حرب، لم يكن مأمورا بالمخالفة لهم في الهدي الظاهر، لما عليه في ذلك من الضرر، بل قد يستحب للرجل أو يجب عليه، أن يشاركهم أحيانا في هديهم الظاهر، إذا كان في ذلك مصلحة دينية: من دعوتهم إلى الدين والاطلاع على باطن أمرهم لإخبار المسلمين بذلك، أو دفع ضررهم عن المسلمين، ونحو ذلك من المقاصد الصالحة. انتهى.
والله أعلم.