الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فههنا أمور مهمة لا بد من بيانها لك، فمنها أن ظنك أن الله لا يغفر لك هو سوء ظن به تعالى، فإنه جل اسمه لا يتعاظمه ذنب أن يغفره، فمهما كان ذنبك عظيما وجرمك جسيما، فإن عفو الله تعالى أوسع ورحمته تعالى قد وسعت كل شيء، فمن تاب إليه سبحانه وصدق في توبته فإنه سبحانه يغفر له ويعفو عنه ويتجاوز عن سيئاته،
ومنها أن تركك التوبة وتأخيرك لها خطأ، بل هو ذنب يحتاج إلى توبة فإن التوبة واجبة على الفور.
ومنها أنك لو تبت توبة صادقة فإن عملك الصالح يبقى ثوابه لك ولا يأخذه غيرك، ولو تركت التوبة والعمل الصالح لهذا التلبيس الشيطاني وهو ألا يأخذ عملك الصالح غيرك، فإن من آذيتهم وكانت لهم عليك حقوق لا يظلمهم الله شيئا، فإن لم تكن لك حسنات أخذ من سيئاتهم فطرحت عليك ـ والعياذ بالله ـ كما ثبت في الحديث فعليك إذن أن تبادر بالتوبة النصوح إلى الله تعالى فإنه لا أنفع لك في دنياك ولا آخرتك من التوبة إلى الله عز وجل، ومن كانت له عليك حقوق أو مظالم فلا بد من ردها إليه أو استحلاله منها ولا تتم توبتك إلا بهذا، وانظر الفتوى رقم: 149083.
ويمكنك أن تستحل ممن أسأت إليه استحلالا مجملا فتطلب منه العفو عما بدر منك من إساءة له، ويرى بعض العلماء أن التوبة من الغيبة لا يلزم فيها استحلال من اغتبته لما قد يترتب على ذلك من المفاسد، وإنما يكفي أن تستغفر له وتدعو له بخير وتذكره بخير في المواطن التي اغتبته فيها.
وأما صيغة الاستغفار فأمرها واسع، ويكفيك أن تقول: اللهم اغفر لفلان أو اغفر لي ولفلان.
وأما الكرة التي أخذتها دون علم مالكها فلا بد من رد قيمتها إليه، ولا يلزم أن تخبره بحقيقة ما حصل، بل يكفيك أن تدفع إليه قيمتها، ويرجع الحق لمستحقه.
والله أعلم.