الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن آمنت تلك الفتاة وشهدت ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وعملت بمقتضى ذلك فيجوز لك الزواج بها، وكذا لو اعتنقت ديانة كتابية كاليهودية أو النصرانية، لكنك ذكرت ميلها إلى الإسلام، واعتقادها صحة مجمل مبادئه، وهذا ما ينبغي الحرص عليه وهو إيمانها، ولا يستوي أن تكون مؤمنة أوغير مؤمنة، فتخييرك لها بين ذلك لا ينبغي، كما أن نقاشك لها حول مسألة تطبيق الحدود والقصاص في غير محله، بل يكتفى بترغيبها فيه بالحكمة والموعظة الحسنة، فلو جاء إنسان يريد أن يسلم فقيل له لو سرقت قطعنا يدك ولو زنيت جلدناك، ولو فعلت كذا فعلنا بك كذا فلربما كان ذلك صادا له عن الإسلام، لكن يبين له حقوق الله عليه وحقوق الناس وحقوق نفسه، فلا يظلمها بارتكاب ما يستوجب عقوبة، وقد يلجأ إلى العقل في الإقناع كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في قصة الشاب الذي جاءه يريد إباحة الزنا، وأنه لا يصبر عنه فلم يعنفه ولم يكفره بأنه لا يرضى حكم الله ورسوله، بل قال له هل ترضاه لأمك؟ فقال لا، وسأله هل ترضاه لأختك؟ فقال لا، وهل ترضاه لابنتك؟ فيقول لا، فيقول صلى الله عليه وسلم: ولا الناس يحبونه لبناتهم، رواه أحمد، فحاوره بالعقل والحكمة حتى خرج الشاب معرضا عن الزنا مقتنعا بجرمه وسوئه، بل قد صار أبغض شيء إليه بإقراره بذلك، وقد أرشد القرآن إلى هذه الأساليب بقوله: ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن { النحل: 125}.
وبالتالي، فينبغي أن تعين الفتاة على الدخول في الإسلام بترغيبها فيه وعدم الخوض معها فيما قد يكون سببا في صدها عنه ولو كانت تريد أن تقرأ أو تناقش حول موضوع ما فينبغي أن تدلها على أولي العلم لتعرض شبهتها أو ما يشكل عليها ليبينوا لها الصواب ويزيلوا عنها اللبس والإشكال، وتجدر الإشارة إلى أن ما ذكرته من التفاصيل يفيد اختلاطا شديدا منك بتلك الفتاة، ولا يخفى ما قد ينجر عن ذلك غالبا من الفتن والفساد، فكان الصواب أن يكون النقاش والحوار بينك وبينها بواسطة بعض محارمك من النساء أو محارمها من الرجال، ففتنة النساء هي أضر الفتنة كما أخبر بذلك الصادق المصدوق، فاحذر من ذلك، واعلم ان السلامة لا يعدلها شيء ودين المرء هو رأس ماله، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 4220، 2779، 30695.
والله أعلم.