الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن العلماء مختلفون فيما إذا كان يجوز لجارك هذا الصنيع أم لا؟ وممن نص على جوازه الشافعية، قال في مغني المحتاج: صرح الشيخ أبو حَامِدٍ بِجَوَازِ فَتْحِ كَوَّةٍ فِي مِلْكِهِ مُشْرِفَةً عَلَى جَارِهِ وَعَلَى حَرِيمِهِ، وَلَيْسَ لِلْجَارِ مَنْعُهُ، لِأَنَّهُ إذَا أَرَادَ رَفْعَ جَمِيعِ الْحَائِطِ لَمْ يُمْنَعْ. انتهى.
وعلى هذا القول فليس لك أن تمنع جارك من فتح هذه النوافذ، بل تأخذ أنت الحيطة من اطلاع الناس عليك، وذهب بعض العلماء إلى أن ذلك من الأذية التي يمنع منها الجار، قال العلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ في الشرح الممتع: قال في الروض: ويلزم الأعلى سترة تمنع مشارفة الأسفل ـ فمثلاً لي بيت مرتفع فيجب أن أبني جداراً يمنع مشارفة الأسفل، وكم ارتفاعه؟ العلماء يقولون: العبرة في ذلك بقامة الرجل المتوسط، فلا بد أن يضع جداراً بحيث إذا وقف الإنسان لا يشرف على جاره، وإذا كان الجار ليس ملاصقاً لكن بيني وبينه سور وبيتي يطل عليه فهنا يلزمني أن أضع سترة، لأن هذا ضرر على الجيران، ومِثْلُ ذلك النَّوافِذُ، فلا بد أن يكونَ جدارُها رفيعاً، فإن كان غير رفيع فإنه لا يجوز. انتهى.
وعلى هذا القول، فلا حرج عليك في أن ترفع الأمر للمسؤولين لإزالة للضرر عنك، وما دام هذا القول الثاني هو المعمول به والمتبع عندكم فنرى أنه لا مانع ـ إن شاء الله ـ من رفع الأمر إلى الجهات المختصة.
والله أعلم.