الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بلغ منك الوسواس مبلغا عظيما، والذي ننصحك به وننصح به كل المبتلين بهذا الداء هو الاجتهاد في معالجته، والسعي في التخلص منه، فقد تسلط عليك الشيطان بما ألقاه في قلبك من الوساوس حتى نجح في صدك أحيانا عن الصلاة والحيلولة بينك وبين ذكر الله عز وجل، والأمر أيتها الأخت الفضلى أهون من ذلك بكثير، والله تعالى بعباده رؤوف رحيم، فهو لا يشق عليهم ولا يعنتهم ولا يرهقهم من أمرهم عسرا، وأمر النية ليس بهذه الصعوبة، فإن كل مكلف يفعل فعلا من الأفعال لا يتصور خلو هذا الفعل من النية، بل تكليف الناس أن يعملوا عملا بلا نية تكليف بما لا يطاق كما قاله بعض محققي العلماء، وإذن فعليك إذا أردت الصلاة أن تستحضري أنك ستصلين صلاة كذا، وليكن هذا للحظة واحدة، ويكفيك ذلك في النية الواجبة ولا يلزمك الزيادة على ذلك، ولو كان تخيل هذه النية مكتوبة يحل المشكلة فلا حرج فيه، ولكننا نتصور أنه لا يحل المشكلة بل سيظل الشيطان يلقي في قلبك الوسوسة أنك لم تنوي ما دمت لا تتعاملين مع هذه الوساوس بحزم، فعليك بالحزم والجد في مدافعة هذه الوساوس وعدم الاسترسال معها والإعراض عنها بالكلية، وكلما قال لك الشيطان إنك لم تنوي فقولي له بلسان حالك: اخسأ عدو الله، واعلمي أنه ليس لك بناصح ولا هو على عبادتك حريص. وبقليل من المجاهدة والإعراض عن هذه الوساوس يصير الأمر طبيعيا، ولا تجدين في هذا الأمر أدنى مشقة بإذن الله، وبدلا من أن تكون الصلاة ثقيلة عليك هذا الثقل بسبب الوساوس ستصير لك قرة عين وتلتذين بفعلها إن شاء الله، لكن شرط ذلك ما ذكرناه من الجد في مدافعة الوساوس والحزم في الإعراض عنها، والرغبة الصادقة في التخلص منها وعدم الاستسلام لها، وانظري للفائدة الفتوى رقم: 134196 وأما ما أخرته من صلوات حتى خرج وقتها بهذا السبب فنرجو أن يعفو الله عنك ويتجاوز عن فعلك ذاك، وأن تكوني في معنى المكره بسبب هذه الوساوس، واجتهدي في الدعاء واللجوء إلى الله تعالى أن يخلصك من هذا الشر المستطير. نسأل الله لك العافية.
والله أعلم.