خطورة الوسوسة إذا لم يتعامل معها بالحزم

12-7-2011 | إسلام ويب

السؤال:
أنا امرأة متزوجة، أعاني من الوسوسة في النية سواء في الوضوء أو الصلاة، حيث إنني دائما أحس أنني ليس عندي عزم في قلبي، أي لا أحس أنني أستشعر النية في قلبي فقط يمر في خاطري أي ذهني كلمة الوضوء أو الصلاة الفلانية دون أن ألفظها، ولكنني لا أحس أنني أستشعرها في قلبي، فأقوم بعض الأحيان بلفظ النية لعلي أشعر بها في قلبي ولكن دون جدوى، حتى إن كلمة الوضوء تصبح غريبة علي بالرغم من أنها تمر في ذهني وأقولها في قلبي، ولكني أحس بغرابة الكلمة وكأنني لا أعرف معنى الكلمة، فأقوم بتخيل خطوات الوضوء لعلي أقتنع بصحة النية، ولكن والله لا أشعر بالنية نابعة من القلب حتى إنني لا أعرف ماذا أريد، وكأنني منومة وكأنني إنسان آخر، لا أدرك معاني الكلمات بالرغم من أنني أقولها في قلبي بطريقة صحيحة، أي يمر في خاطري النية بشكل صحيح، ولكن لا أشعر بها وكأنها نابعة من القلب، فأقوم بإعادة النية لمئات مئات المرات لعلي أستشعرها في قلبي ولكن دون جدوي، والله لا أبالغ إذا قلت إنني أستغرق ما يقارب الثلاث ساعات في تأديتي للوضوء والصلاة، وغالبا ما يفوت وقت الصلاة وأنا لم أتم الصلاة، وبعض الصلوات تفوتني أي لم أقم بتأديتها لهذا السبب، والمشكلة أنني امرأة عاملة ومهنتي طبيبة وعملي كثير، هذا بالإضافة إلى واجباتي الزوجية التي تستوجب مني الوقت والجهد، أي أن وقتي قليل، وبعض الأحيان أرجع من الدوام ليلا أي وقت العشاء بعد تحضيري العشاء لزوجي، أريد فعلا أن أقوم بتأدية صلاة العشاء ولكني أكون تعبانة جدا، وأعرف أنني سوف أستغرق وقتا طويلا في الصلاة، وخصوصا كوني الآن حاملا، والله رجلي توجعني أثناء تأديتي للصلاة من كثرة الوقوف، ولهذا أقوم بتأجيل الصلاة إلى أن أنام قليلا، ولكن بعض الأحيان لا أنهض من النوم ويفوتني وقت صلاة العشاء.
أرسلت هذه الرسالة ليس لأسال عن علاج الوسوسة لأنني أعرف العلاج وقرأت عنه كثيرا، وأطبقه وأدعو الله كثيرا، لكني أرسلت هذه الرسالة لأسألكم عن سؤالين:
أولا: هل تصح نيتي بأن أقوم بتخيل كلمة الوضوء وكأنها مكتوبة أمامي، وأقوم بتخيل الكلمة في ذهني وأرددها في قلبي دون أن ألفظها حتى لو أحسست بغرابة الكلمة علي في حالتي أنا بالذات، وأقوم مثلا بتخيل صلاة العشاء وكأنها مكتوبة أمامي وأرردها في قلبي. هل تصح نيتي أم لا؟
السؤال الثاني: أنا أعرف أن ترك الصلاة حتى لو تكاسلا حتى لو صلاة واحدة تعتبر كفرا على الرجح من أقوال العلماء، لكني أريد أن أسأل هل في حالتي أنا عندما أؤجل صلاة العشاء وأؤخرها لبعض الوقت، وذلك بسسب تعبي إلى أن انهض من النوم ولكن تفوتني بعض الأحيان، أو عندما يفوت وقت الصلاة خصوصا صلاة الصبح وأنا مازلت لم أتمها هل تعتبر كفرا؟ وهل يجب علي قضاء هذه الصلوات أي بمعنى آخر هل وسوستي تعتبر عذرا كافيا لعدم تأديتي لبعض الصلوات وتأجيلها لوقت آخر بالرغم من أنني أحاول أن أصليها في وقتها وأشعر بالذنب والله لذلك، لكن لا أعرف ماذا أعمل بعض الأحيان تخرج عن حدود قدرتي؟ أريد أن أسأل سؤالا أخيرا هو: كيف أنوي في حالتي هذه لكي أعرف أن نيتي صحيحة، ولكي لا أشعر بالوسوسة أي أشعر بصحة نيتي؟

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد بلغ منك الوسواس مبلغا عظيما، والذي ننصحك به وننصح به كل المبتلين بهذا الداء هو الاجتهاد في معالجته، والسعي في التخلص منه، فقد تسلط عليك الشيطان بما ألقاه في قلبك من الوساوس حتى نجح في صدك أحيانا عن الصلاة والحيلولة بينك وبين ذكر الله عز وجل، والأمر أيتها الأخت الفضلى أهون من ذلك بكثير، والله تعالى بعباده رؤوف رحيم، فهو لا يشق عليهم ولا يعنتهم ولا يرهقهم من أمرهم عسرا، وأمر النية ليس بهذه الصعوبة، فإن كل مكلف يفعل فعلا من الأفعال لا يتصور خلو هذا الفعل من النية، بل تكليف الناس أن يعملوا عملا بلا نية تكليف بما لا يطاق كما قاله بعض محققي العلماء، وإذن فعليك إذا أردت الصلاة أن تستحضري أنك ستصلين صلاة كذا، وليكن هذا للحظة واحدة، ويكفيك ذلك في النية الواجبة ولا يلزمك الزيادة على ذلك، ولو كان تخيل هذه النية مكتوبة يحل المشكلة فلا حرج فيه، ولكننا نتصور أنه لا يحل المشكلة بل سيظل الشيطان يلقي في قلبك الوسوسة أنك لم تنوي ما دمت لا تتعاملين مع هذه الوساوس بحزم، فعليك بالحزم والجد في مدافعة هذه الوساوس وعدم الاسترسال معها والإعراض عنها بالكلية، وكلما قال لك الشيطان إنك لم تنوي فقولي له بلسان حالك: اخسأ عدو الله، واعلمي أنه ليس لك بناصح ولا هو على عبادتك حريص. وبقليل من المجاهدة والإعراض عن هذه الوساوس يصير الأمر طبيعيا، ولا تجدين في هذا الأمر أدنى مشقة بإذن الله، وبدلا من أن تكون الصلاة ثقيلة عليك هذا الثقل بسبب الوساوس ستصير لك قرة عين وتلتذين بفعلها إن شاء الله، لكن شرط ذلك ما ذكرناه من الجد في مدافعة الوساوس والحزم في الإعراض عنها، والرغبة الصادقة في التخلص منها وعدم الاستسلام لها، وانظري للفائدة الفتوى رقم: 134196 وأما ما أخرته من صلوات حتى خرج وقتها بهذا السبب فنرجو أن يعفو الله عنك ويتجاوز عن فعلك ذاك، وأن تكوني في معنى المكره بسبب هذه الوساوس، واجتهدي في الدعاء واللجوء إلى الله تعالى أن يخلصك من هذا الشر المستطير. نسأل الله لك العافية.

والله أعلم.

www.islamweb.net