الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:
فنسأل الله لك العافية، ونسأل الله أن يلهمك رشدك ويعيذك من شر نفسك، واعلم أيها الأخ الكريم أن الشيطان للعبد بالمرصاد، وأنه لن يدعه من كيده ومكره ووسوسته، فعليك بالاستمرار في المجاهدة والاجتهاد في الدعاء واللجأ إلى الله تعالى، وأعرض عن هذه الوساوس في أي صورة عرضت وعلى أي وجه أتت. واعلم أنك مهما جاهدت نفسك ستنال توفيق الله تعالى وسيذهب الله عنك ما تجد بمنه، ولا يصرفنك عن هذه المجاهدة ما يلقيه الشيطان في قلبك من أن الأمر ربما لا يكون وسوسة، فهذا أيضا من جملة مكايده وحبائله التي ينصبها لك، فامض في مجاهدة نفسك والإعراض عن جميع هذه الوساوس حتى تذهب عنك وتعود شخصا طبيعيا بإذن الله، ثم إن الفكر في الآخرة والجنة والنار أمر حسن، لكن لا بد أن يكون هذا الفكر فكرا مثمرا ينتج لصاحبه الاجتهاد في العبادة والحرص على فعل الطاعات ومجانبة المعاصي، وأما أن يصير هذا الخوف خوفا مرضيا يقعد صاحبه عما يجب عليه فعله فهذا الذي لا ينبغي، بل اجتهد في طاعة الله راجيا ثوابه خائفا من عقابه عالما أنه تعالى أرحم بالعبد من أمه التي ولدته وأن رحمته تعالى سبقت غضبه وأن رحمته تعالى وسعت كل شيء.
والله أعلم.