الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في أن طاعة الله تعالى والاستجابة له من أسباب إجابة الدعاء، وأن ترك طاعته تعالى من أسباب رده؛ كما قال جل اسمه: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ. (البقرة:186). ولكن ليس معنى هذا ألا يدعو العاصي، بل من دعا الله وأحسن الظن به وسأله من فضله فإن رحمة الله وسعت كل شيء، وليست استجابته لعبده الذي يدعو بصدق وانكسار وتذلل أمرا بعيدا، فالله ذو الفضل العظيم، ثم إن ترك المعصية والإقبال على الله تعالى أمر يسير على من استعان بالله وصدق اللجأ إليه، فإنه تعالى وعد من جاهد نفسه فيه بأن يهديه ووعده تعالى لا يتخلف، فقال جل وعز: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ. (العنكبوت:69).
فجاهد نفسك أيها الأخ الكريم في ترك المعصية واصدق مع ربك فإن تصدق الله يصدقك، وعون الله وتوفيقه لمن صدق قريب، فلا تيأس من روح الله ولا تقنط من رحمة الله، واعلم أن من عباد الله من هو أشد منك معصية وأكثر منك ذنبا، ولم يقفل باب التوبة في وجه أحد، ولا يزال الله تعالى محسنا إلى خلقه رحيما بهم، فليكن أهم ما تدعوه به أن يعينك على نفسك الأمارة بالسوء وأن يلهمك رشدك ويعيذك من شر نفسك، فهذه الاستعانة مع المجاهدة الصادقة لا يخيب صاحبها بإذن الله، نسأل الله لنا ولك المعونة والتسديد.
والله أعلم.