مجاهدة النفس في الله سبيل ديمومة الهداية

3-7-2011 | إسلام ويب

السؤال:
يا شيخ، أنا أحد طلبة العلم في المدينة النبوية، حيث إنه عرف عني شدة الالتزام، وعرف عني تطبيق السنة على أدق تفاصيلها، وقد كنت على مدى أربع سنوات من المحافظين على صلاة الجماعة في الصفوف الأولى وكنت أقوم الليل، وأمكث حتى شروق الشمس في المسجد، ويومي كان كله في طاعة الله عز وجل وقبل شهرين من الآن يا شيخ، بدأت أشعر بأنني شخص غريب، بدأت أشعر ببعض الكسل في طلب العلم، وبالفعل تراجعت كثيراً في طلب العلم، ثم بدأت أنقطع عن أورادي اليومية، ثم تركت قيام الليل، حتى وصل بي الحال إلى أنني أتكاسل في بعض الأحيان عن النزول إلى المسجد لصلاة الجماعة، وبدأت أقع في اللمم من المعاصي، ولا حول ولا قوة إلا بالله، أرسلت لك يا شيخ هذه الرسالة لتساعدني كي أعود كما كنت، فوالله إنني أعيش في ضنك شديد فأين كنت؟ وأين صرت الآن؟ يا شيخ أنا مستغرب، لا أدري ما الذي حصل معي؟ مع أنني لا أملك صحبة، وأنا شخص أحب الوحدة، فلا يوجد من أثر علي سلباً، أو إيجاباً، والأمر حصل فجأة، لا أدري لماذا الله عز وجل أبعدني عنه؟ لا شك أنني ارتكبت إثماً ما جعل الله عز وجل يغضب علي ويحرمني حلاوة الإيمان التي كنت أعيشها، بالله عليك يا شيخ ساعدني، أريد أن أنهض مرة أخرى، أخشى على نفسي أن تصل بي الأمور إلى أكثر من ذلك، حاولت أن أذهب أكثر من مرة لأعتمر، وعندما أرجع أصحو يومين، أو ثلاثة من انتكاستي ثم أعود كما كنت قبل العمرة، سامحني يا شيخ على طول السؤال، لعلّ الصورة قد وصلت لك وبارك الله لنا فيك.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعـد:

فزادك الله حرصا على الخير ورغبة فيه، ورد الله عليك ما كنت تجد من حلاوة الإيمان، واعلم أيها الموفق أن الفتور عن بعض الطاعات أمر ضروري لا يكاد يخلو عنه أحد، والشأن كل الشأن في أن تكون فترة العبد إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم فلا يخرج من طاعة ولا يدخل في معصية، ويبادر باستنقاذ نفسه من هذه الفترة والعودة بها إلى ما كان عليه وربما أفضل، وراجع الفتوى رقم: 111753

والمجاهدة الصادقة بإخلاص لله ولجأ إليه لا يخيب معها أحد، ومن أدمن طرق الباب ولج، فأدم طرق الباب يفتح لك، والزم الدعاء فإنه باب كل خير، واعلم أنك طبيب نفسك، وأنك مهما جاهدتها وحملتها على ما تكرهه اليوم وتنفر منه أسلست لك قيادتها وصارت لك طائعة تأتمر بأمرك فتؤدي الحق حينئذ سماحة لا كظما، ولكن لا بد من شيء من المعاناة والتعب ريثما يتيسر لك مطلوبك وتستقيم نفسك على الحال الذي تريد، وقد أوضحنا هذا المعنى في الفتوى رقم: 139680، فانظرها للأهمية.

ولعل انفرادك ووحدتك من أسباب تسرب الفتور إلى نفسك وإسراعه إليك، فلو صاحبت بعض الصالحين الذين يعينونك على الطاعة ويرغبونك في العبادة ويدارسونك العلم كان في ذلك خير لك ـ إن شاء الله ـ وأكثر من الاستغفار وتب إلى الله تعالى، ولا تمكن نفسك من أن تنتصر عليك فيصير الفتور لك ملكة لازمة وصفة ثابتة وهيئة راسخة، ونحن مقبلون على موسم شريف فاضل هو شهر رمضان المعظم فاجعل من استقباله والاستعداد له ثم الاجتهاد في الطاعة فيه فرصة لتدارك الفارط، وأكثر من ذكر الموت وما بعده، فإن هذا من أعظم ما يحمل النفس على الاستعداد لما خلقت له والتهيؤ بزاد ليوم العرض على الله عز وجل، وزيادة للفائدة حول علاج الفتور راجع الفتاوى التالية أرقامها، 124567 125896 95383.
والله أعلم.

www.islamweb.net