الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله على آله وصحبه، وبعد:
فإذا كانت الجمعية قد أجرت المجمع للرجل لينتفع به فيما هو مباح، ولكن الرجل أجره لمن يزاول فيه نشاطا محرما كله، أو بعضه فلا حرج على الجمعية، وإنما يكون الإثم على المستثمر، لأن الجمعية لم تتواطأ معه على ذلك، لكن عليها الاحتساب في منعه من تأجير المحلات لمن يعمل فيها ما لا يحل، جاء في الموسوعة الفقهية: أما إذا استأجر الذمي داراً للسكنى مثلاً، ثم اتخذها كنيسة، أو معبداً عاماً فالإجارة انعقدت بلا خلاف، ولمالك الدار وللمسلم عامة منعه حسبة، كما يمنع من إحداث ذلك في الدار المملوكة للذمي. انتهى.
وأما من علم قصد المستأجر وأنه يريد الانتفاع بالعين فيما هو محرم فلا تجوز إجارته له، قال ابن قدامة في المغني: ولا يجوز للرجل إجارة داره لمن يتخذها كنيسة، أو بيعة، أو يتخذها لبيع الخمر، أو القمار. انتهى.
والدخان محرم فلا يجوز تأجير المحل لمن يريده لبيع الدخان فيه، أو الشيشة ونحو ذلك من الأمور المحرمة فمن فعل فهو آثم، لأنه متعاون مع الآثم على إثمه، وقد قال تعالى: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ { المائدة:2}.
وقد نص الفقهاء على حرمة تأجير الدور لمن يستخدمها في بيع المحرم، أو فعله، وأما الحلاق وبائع الجرائد اليومية، أو المجلات النافعة ونحوها مما يغلب عليه النفع، أو المباح فلا حرج في تأجير المحلات له، وإن كان الحلاق قد يحلق اللحى لمن يرغبون في ذلك، لكنه ليس هو المقصود ولا الغالب وكذلك تضمن المجلات والجرائد لبعض الصور المحرمة فلا تمنع بسبب ذلك، لعموم البلوى بتلك الصور ولأنها غير مقصودة بخلاف ما كان منها خاصا بذلك، أو يغلب عليه.
والله أعلم.