الإجابــة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد :
فنقول ابتداء من المعلوم أن الفقهاء اختلفوا في حكم الخضاب بالسواد؛ فمنهم من كرهه، ومنهم من حرمه، ومنهم من فصل في ذلك.
جاء في الموسوعة الفقهية : اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ الاِخْتِضَابِ بِالسَّوَادِ : فَالْحَنَابِلَةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ - مَا عَدَا أَبَا يُوسُفَ - يَقُولُونَ : بِكَرَاهَةِ الاِخْتِضَابِ بِالسَّوَادِ فِي غَيْرِ الْحَرْبِ .... وَمِنْهُمْ مَنْ رَخَّصَ فِيهِ مُطْلَقًا ، وَمِنْهُمْ مَنْ رَخَّصَ فِيهِ لِلرِّجَال دُونَ النِّسَاءِ .... وَقَال الشَّافِعِيَّةُ بِتَحْرِيمِ الاِخْتِضَابِ بِالسَّوَادِ لِغَيْرِ الْمُجَاهِدِينَ ؛ لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَكُونُ قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ يَخْضِبُونَ بِالسَّوَادِ ، لاَ يَرِيحُونَ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ ، وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَأْنِ أَبِي قُحَافَةَ : وَجَنِّبُوهُ السَّوَادَ ، فَالأْمْرُ عِنْدَهُمْ لِلتَّحْرِيمِ ، وَسَوَاءٌ فِيهِ عِنْدَهُمُ الرَّجُل وَالْمَرْأَةُ . اهـ مختصرا.
ومن العلماء من خص النهي عن الخضاب بالسواد في التدليس فقط، قال ابن القيم في الزاد :
الْجَوَابُ الثّانِي: أَنّ الْخِضَابَ بِالسّوَادِ الْمَنْهِيّ عَنْهُ خِضَابُ التّدْلِيسِ كَخِضَابِ شَعْرِ الْجَارِيَةِ وَالْمَرْأَةِ الْكَبِيرَةِ تَغُرّ الزّوْجَ وَالسّيّدَ بِذَلِكَ، وَخِضَابِ الشّيْخِ يَغُرّ الْمَرْأَةَ بِذَلِكَ؛ فَإِنّهُ مِنْ الْغِشّ وَالْخِدَاعِ، فَأَمّا إذَا لَمْ يَتَضَمّنْ تَدْلِيسًا وَلَا خِدَاعًا فَقَدْ صَحّ عَنْ الْحَسَن وَالْحُسَيْن رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا أَنّهُمَا كَانَا يَخْضِبَانِ بِالسّوَادِ ... اهـ .
فأنت ترى أخي السائل أن الفقهاء اختلفوا، والمفتى به عندنا هو التحريم. فإن أمكنك أن تصبغ بما ليس أسود خالصا، وتخرج من الشبهة، ويسلم لك دينك فهذا أفضل، فالسلامة في الدين لا يعدلها شيء، وإن تعذر ذلك وشق عليك أن تبقى على ما أنت عليه فنرجو أن تكون لك رخصة في الخضاب بالسواد دفعا للحرج والمشقة، وتقتصر في الخضاب على قدر الحاجة.
والله أعلم.