الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فشكر الله لك حرصك على الخير، واعلم أنه لا يخفى علينا أن كثيرا من بلاد المسلمين يوجد فيها جنس ما يوجد في بلاد الغرب من الاختلاط في التعليم ونحوه من المنكرات، ولكن مع هذا فلا يمكن أن تقاس تلك البلاد مهما بلغت درجة الفساد فيها ببلاد الغرب وهذا لا يماري فيه إلا مكابر، ومن ثم فالحريص على دينه يختار ما فيه المصلحة لدينه وإن ترتب على ذلك بعض المتاعب والأضرار ما دام ذلك محتملا، وانظر الفتوى رقم: 149695، لبيان الحال التي تجب الهجرة فيها من بلاد الكفار والتي تستحب فيها.
وأما الاهتمام بالعلوم الدنيوية التي بالمسلمين إليها حاجة: فنحن نحث عليه وندعو إليه ونقول إنه لا بد للمسلمين من النهوض في مختلف مجالات العلم وأن يأخذوا بأسباب النهوض ليسلكوا أنفسهم في سلك الأمم المتقدمة في هذه الميادين ويطرحوا عن أنفسهم معرة التخلف عن ركب الحضارة، وإن كان تحصيل هذا العلم لا يتأتى إلا بالإقامة في بلاد الكفار فلا حرج حينئذ في الإقامة فيها إذا توفرت الشروط المعتبرة لذلك، وانظر الفتوى رقم: 144781.
وأما المسألة التي سألت عنها وهي جمع الصلوات بسبب التعليم، فالأصل عدم جواز الجمع إلا لعذر يبيحه وسواء قلنا إن الجمع الوارد في حديث ابن عباس المشار إليه كان جمعا صوريا كما رجحه الشوكاني وجماعة، أو قلنا إنه كان جمعا حقيقيا فلا إشكال، لأن القائل بأنه جمع حقيقي يحمله على أنه كان جمعا لحاجة، وأما من قال من العلماء إنه جمع لغير حاجة وإن هذا يدل على جواز الجمع لغير حاجة ما لم يتخذه عادة فنحن لا نرى رجحان هذا القول، لأنه خلاف قول الجماهير ولأن الأصل هو وجوب فعل كل صلاة في وقتها، لقوله تعالى إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا {النساء: 103}.
ولما روي عن بعض السلف من أن الجمع بين الصلاتين من غير عذر من الكبائر، وانظر الفتوى رقم: 117872، وما أحيل عليه فيها.
فإذا علمت هذا وعلمت أن الجمع بين الصلاتين لا يجوز إلا لعذر يبيحه أيا كان الوجه الذي يحمل عليه حديث ابن عباس المشار إليه، فإن مجرد الدراسة ليس عذرا يبيح الجمع، وقد بينا الحالات المبيحة للجمع بين الصلاتين في الفتوى رقم: 6846، فلتنظر.
نعم إن احتاج الطالب للجمع بين الصلاتين ولم يتمكن من فعل الصلاة في وقتها فقد تكون له رخصة في الجمع عند من يبيح الجمع لمطلق الحاجة، وانظر الفتوى رقم: 142323.
والخلاصة أن الأصل هو وجوب فعل كل صلاة في وقتها الذي وقته الله تعالى لها، فإن تعذر التفريق بين الصلاتين وكانت فيه مشقة جاز عند بعض العلماء الجمع في هذه الحال رفعا للحرج.
والله أعلم.