الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالخوف من مواقعة المعصية أمر حسن، وقد قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: إِنِّيَ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ.. {يونس:15}، ولكن لا ينبغي المبالغة في هذا الخوف، فإنه قد يجر إلى اليأس والقنوط من رحمة الله تعالى، وقد قال جل اسمه: وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ {الحجر :56}.
فالذي ننصحك به هو الاستمرار فيما أنت عليه من الخوف من مواقعة المعاصي مع مجانبة الوساوس في هذا الباب، والتي قد تصور لك معصية ما ليس كذلك، ثم إن وقعت منك المعصية فلا تقنط ولا تيأس ولا تظن أنه لا سبيل إلى تدارك ذلك، بل كل بني آدم خطاء، فطبيعة البشر أنهم يذنبون، والله تعالى غفور رحيم، يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات، فبادر بتدارك ما يقع منك من الذنوب بتوبة نصوح تمحو هذا الذنب، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، فهذا هو شأن المؤمن، أنه يتحرز من المعاصي ما أمكنه. ثم إن غلبته نفسه الأمارة وتسلط عليه شيطانه فواقع المعصية رجع من فوره إلى ربه، فغسل أثر ذنبه بتوبة نصوح.
قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ {الأعراف :201}، فالزم هذا الطريق تكن من الفائزين بإذن الله، وأما ما وقع منك مع شيخك فإن كان مقصود الشيخ منك أن تقرأ عن ظهر قلب فلا شك في أن ما فعلته قبيح لا ينبغي صدوره ممن يشتغل بحفظ كتاب الله تعالى، ويخشى أن يكون هذا من الغش وخيانة الأمانة، فإن الشيخ ائتمنك على أن تقرأ عن ظهر قلب، وفيه تشبع بما لم تعط؛ إذ إنك بهذا السلوك تظهر للشيخ أنك حافظ لهذا الموضع وليس الأمر كذلك، وقد قال صلى الله عليه وسلم: المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور. وإذ قد وقع ما وقع فتب إلى الله تعالى، ولا تعاود هذا الفعل مرة أخرى، بل خير لك أن تخطئ ويصوبك الشيخ لما فيه من المصلحة لك بتجنب موضع الخطأ فيما بعد.
والله أعلم.