الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن تزوج ثيبا فإنه يقيم عندها ثلاث ليال فقط عند جمهور أهل العلم، خلافا للحنفية الذين لا يرون فضلا للجديدة بكرا كانت، أو ثيبا، وإن كان الزوج قد مكث عند الثيب خمس ليال برضا الزوجة الأولى فلا يحق لها طلب قضاء تلك المدة عند المالكية، لأن الزوجة يجوز لها إيثار ضرتها بنوبتها، جاء في شرح الخرشي لمختصر خليل المالكي: يعني أنه يجوز للرجل أن يؤثر زوجة من زوجاته على ضرتها إذا رضيت المؤثرة عليها بذلك، وسواء كان ذلك بعوض، أو بغير عوض. انتهى.
وإن كانت الزيادة باختيار الزوجة الجديدة لها، فعند الحنابلة يقضي خمس ليال للزوجة الأولى، والمشهور عند الشافعية قضاء ما زاد على الثلاث فقط، وفي رواية لهم يقضي جميع تلك المدة، جاء في كشاف القناع ممزوجا بمتن الإقناع للبهوتي الحنبلي: وإن أحبت الثيب أن يقيم الزوج عندها سبعا فعل وقضى للبواقي من ضراتها سبعا سبعا، لما روت أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم لما تزوجها أقام عندها ثلاثا وقال إنه ليس بك هوان على أهلك وإن شئت سبعت لك، وإن سبعت لك سبعت لنسائي ـ رواه مسلم. انتهى.
وفي تكملة المجموع في فقه الشافعي: فإن كانت بكرا أقام عندها سبعا ولا يقضي، وإن كانت ثيبا كان بالخيار بين أن يقيم عندها ثلاثا ولا يقضي، وبين أن يقيم عندها سبعا ويقضي ما زاد على الثلاث، ومن أصحابنا من قال تقضى السبعة كلها، والأول هو المشهور. انتهى.
ولم يأخذ المالكية بحديث أم سلمة وقد بين ابن عبد البر في الاستذكار الحكمة من ذلك قائلا: قال أبو عمر: أما قوله في هذا الحديث: إن سبعت لك سبعت لنسائي ـ فإنه لا يقول به مالك ولا أصحابه، وهذا مما تركوه من رواية أهل المدينة، لحديث بصرى رواه مالك عن حميد الطويل عن أنس بن مالك قال: للبكر سبع وللثيب ثلاث ـ قال مالك: وذلك الأمر عندنا ولا يحسب على التي تزوج ما أقام عندها. انتهى.
ثم بعد انقضاء الليالي التي تختص بها الزوجة الجديدة فقد اختلف في كيفية ابتداء القسمة، فذهب الحنابلة إلى أنه يعود إلى القسم بين زوجاته كما كان قبل أن يتزوج الجديدة وتكون الجديدة آخرهن نوبة، جاء في دقائق أولي النهى ممزوجا بمنتهى الإرادات للبهوتي الحنبلي: وإن تزوج ثيبا ومعه غيرها أقام عندها ثلاثا ولو أمة ثم دار وتصير الجديدة آخرهن نوبة، لحديث أبي قلابة عن أنس قال: من السنة إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعة, وقسم, وإذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثا ثم قسم. انتهى.
وعند المالكية يخير في البدء بزوجته الأولى، أو الجديدة واستحب بعضهم القرعة فيمن يبدأ بها، جاء في منح الجليل ممزوجا بمتن خليل المالكي: وقضى للزوجة الثيب التي تزوجها على غيرها ولو أمة على حرة بثلاث من الليالي متواليات يبيتها عندها ويخير بعد تمام السبع أو الثلاث في البدء في القسم بمن شاء، واستحب ابن المواز القرعة كمن قدم بها من سفر. انتهى.
وذهب الشافعية إلى أنه يقرع للابتداء، جاء في حاشية قليوبي: وإذا تم الدور والزفاف أقرع للابتداء للجميع.
والله أعلم.