شرع الله تعالى يواكب كل العصور ومن تمسك به كفاه الله

16-5-2011 | إسلام ويب

السؤال:
أنا موظف أعمل في القطاع العمومي لبلدنا، ووصل بي السن إلى الواحد والثلاثين، ولم أستطع التقدم لخطبة فتاة من حينا أو بلدنا ولا محادثتها ولا مراسلتها حتى ولو في شكل مجرد صداقة أو تعارف، وذلك لأني ناشئ على هذا الطبع وهذا الخلق منذ طفولتي إلى الآن، وبسبب هذا فإني أعجز كل العجز أن أتجرأ على صحبة الجنس الأخر أو محادثتها أو ربط علاقة معها، ونشأت هكذا إلى أن دقت ساعة النكاح في مثل هذا العمر، والكل من أهلي وأقاربي يعلمون أنني لا أصاحب ولا أختلط ولا أخالط الناس ذكورهم وإناثهم، بل وكثير العزلة وشديد الخلوة بنفسي لأنني أجد في ذلك لذة الخلوة وحلاوة العزلة، وقد تربيت ونشأت على الدين، ومنذ أن تعلمت الكثير في الفقه والدين والأخلاق والسير وجدت فيه ضالتي والحكمة والموعظة، ووجدت أن الدين يؤيدني في هذه العزلة والخلوة؛ لأنها تخدم الدين فيما يأمرني به وينهاني عنه، ولا يطلع على سر من سرائري إن كنت محسنا أو مسيئا إلا الله، ولهذا نازعني أهلي إلى وجوب البحث عن شريكة العمر مبررين موقفهم أن الإنسان لا ينبغي له أن يعيش وحيدا في دنيا الأسباب، ولا يمكن له ذلك، فأنكرت قولهم لأنني أثق في نفسي فقط وأصبحت لا أثق في أحد على الإطلاق ولو صدقوا ولو نصحوا لي، ولا أثق إلا فيما أوتيته من العلم والدين واليقين، وأحس وكأني أصبحت بمفازة من أمري وهم لا يعملون، ومنذ أن قرأت في الدين بعض الكتب ومنها موقعكم القيم والثري هذا حول حكم النكاح وأنه سنة وأن الرسول أمر به وقال في حق النكاح وسنته أنه من رغب عن سنتي فليس مني، وقد قرأت أيضا أن من تقدم لخطبة فتاة فعليه أن يلتزم بالضوابط الشرعية ألا وهي أن الخلوة بها كأجنبية لا تحل له، وأيضا ملامستها ومصافحتها ومحادثتها مباشرة بدون أن يكون بيني وبينها حجاب، وأنه ليس في الدين ما يحل أن يخرج الخاطب مع المخطوبة في فسحة أو نزهة، وذلك خوف الفتنة وأنا والله أصدق مثل هذا القول لأنه يؤيدني فيما أنا عليه من هذا الخلق والطبع الذي نشأت عليه ورسخت عليه منذ ولادتي، ولكنني في نزاع مع الأهل والأقارب وأولي الأمر بحيث قالوا لي هل ستجعلنا نعيش في زمن الرسول ونتراجع أدراجنا مع أنني اشترطت للتقدم لخطبة فتاة أجنبية لا تحل لي وجود أهلها حال الخطبة، وذلك حتى لا أخلو بها، ثم اشترطت أن تكون محجبة تماما كما أوصى الدين، وأن تكون ذات دين، وليس لي حاجة لها أن تكون ذات مال أو جمال، ولكن أن تكون عفيفة ومقبولة، ولم أشترط أن تكون ممن تعمل أو تشتغل، ولكن أشترط أن تكون مطيعة لزوجها في كل شيء، وأنني كزوجها سوف أراقبها في كل شيء لأرى منها كل شيء يناسب الشرع، فكل ما يناسب الشرع أمضيته، وكل ما يخالفه نبهتها ونصحتها وعلمتها، ولكن دعائي هذا لأهلي أن يجدوا لي مثل هذه المواصفات لم يزدهم إلا فرارا، ومكروا مكرا كبارا، وإني كلما دعوتهم جعلوا أصابعهم في أذانهم واستغشوا ثيابهم واستكبروا استكبارا، وبرروا قولهم بأن الدين لم يعد يواكب العصر، وليس هناك فتاة ستقبل الزواج منك إن اشترطت كل هذا، وقيل هل ستعود بنا أدراجنا إلى 14 قرن مضت ... الخ ولكني مع ضعف حجتي أمامهم فإني تقدمت لخطبة فتاة ليست متحجبة، ولكنني منذ أن قابلتها اشترطت أن لا أخلو معها وأن يكون على الأقل أهلها معي فحصل ثم قابلتها في لقاء ثان ولكن بحضور أهلي وأهلها مع بعضنا البعض ملتزما بأن لا تكون الخلوة إلا بوجود محرم أو أولي الأمر، ولكنني صادف أن علمت أنها ليست متحجبة ولا علم لي إن كانت مقيمة للصلاة والزكاة والصيام، ولكنني اكتفيت بالدردشة معها على النت لأنها تبعدني مسافات طويلة ثم اتفقنا على أن نخرج سويا ونتحادث مباشرة وحينها لم أجبها لأنني أفكر إما في التخيير بين الشرع وبين هذه الفتاة، فهل أكون مع التزامي واحتراسي منها وبمخالطتها والتقدم لخطبتها بوجود أهلها والنظر اليها حال اللقاء الأول والثاني ومحادثتها على النت والدردشة معها، ثم التفكير في الخروج معها قد أخطأت وأخللت بما يوجبه علي الشرع، وما ينص الدين، وأريد أن أعرف كيف كان الصحابة والسلف الصالح يتناكحون ويتزاوجون، وكيف كانت الطريقة الشرعية التي يتوخاها الخاطب منهم ليتقدم لخطبة فتاة مع التزامهم الشديد بالاحتراس من الموانع الشرعية مثل الخلوة والنظر والكلام والمحادثة من دون حجاب، وبذلك تتضح لي الصورة لأقتدي بهم ؟

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما يقوله هؤلاء الأقارب من كون الدين لم يعد يواكب العصر ، كلام باطل وصاحبه على خطر عظيم ، فلا شك أن شرع الله ماض إلى يوم القيامة، ولا سبيل لسعادة البشر في الدنيا والآخرة إلا بالتمسك بالشرع، والحرص على مرضاة الله في كل زمان ومكان ، وما شقي الناس وفسدت أمورهم إلا بمخالفتهم للشرع وإعراضهم عن الوحي ، قال تعالى:  ..فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى {طه: 123 ، 124}   

فالواجب عليك أن تتمسك بدينك وتحافظ على حدود الله، ولا تتهاون في شيء من الشرع إرضاء لأحد أو مجاراة لعرف، واحرص على مخالطة الناس في المعروف والتعاون معهم على طاعة الله وحضور مجالس العلم وحلق الذكر. 

وإذا كانت الفتاة التي خطبتها مفرطة في حجابها فانصحها وعرفها بأحكام الشرع، مع المحافظة على حدود الله وعدم التهاون في التعامل معها. وانظر في حدود تعامل الخاطب مع مخطوبته الفتوى رقم: 8156.

فإن تابت واستقامت وإلا فلتبحث عن غيرها، ولتتخير ذات الدين كما أرشد النبي صلى الله عليه وسلم، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 24855، ولا تستمع لمن يزعم عدم وجود من ترضى بإقامة الدين والتمسك بالشرع، فالصالحات  كثيرات –بفضل الله- .

واعلم أنّ من يتمسك بدينه ويتوكل على ربه فسوف يكفيه كلّ ما أهمه، قال تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا {الطلاق:2 }، وقال: وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ {الطلاق: 3}

والله أعلم.

www.islamweb.net