الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإننا كمسلمين نعتقد أن لله تعالى في كل حكم شرعه حكمة، لأنه الحكيم العليم سبحانه وتعالى، ولأن أحكامه منزهة عن الخلو من الحكمة، وخلو الأحكام من الحكمة يعد من العبث ـ تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ـ إلا أنه سبحانه وتعالى يطلع عباده، أو من شاء منهم على الحكمة، وقد لا يطلع عليها أحداً، ولا بأس بأن يسأل المؤمن عن الحكمة، لأن معرفة علل الأحكام وحكمها يزيد الشخص إيماناً ويقيناً واطمئناناً، ومن أحكام الله تعالى أنه شرع للرجل أن يجمع بين أربع نسوة، ونحن نؤمن بذلك الحكم ونعتقد صحته وأن له حكمة وإن خفيت علينا هذا، وقد حاول بعض العلماء التماس حكمة هذا التحديد، ومن هؤلاء الإمام ابن القيم، وتراجع لذلك الفتوى رقم: 32541.
ومنهم الطاهر ابن عاشور في كتابه التحرير والتنوير حيث قال: وأحسب أن حكمته ناظرة إلى نسبة عدد النساء من الرجال في غالب الأحوال، وباعتبار المعدل في التعدد، فليس كل رجل يتزوج أربعاً، فلنفرض المعدل يكشف عن امرأتين لكل رجل، يدلنا ذلك على أن النساء ضعف الرجال، وقد أشار إلى هذا ما جاء في الصحيح أنه يكثر النساء في آخر الزمان حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد. انتهى.
وقد ظهرت مفاسد عدم التعدد في زماننا بصورة واضحة حيث كثر العوانس، وقاد هذا إلى فساد عظيم لا يخفى على من له علم بواقع الأحوال، وننبه إلى أنه لا ينبغي مجاراة الكفار من النصارى، أو غيرهم في أمر النقاش حول حكمة التشريع، لأن الحكمة قد لا تدرك في كل حكم، كما سبق أن بينا، ولذا فإن من أهم ما ينبغي التركيز عليه عند النقاش معهم هو قضية الإيمان بالله تعالى والذي هو الأصل، فإذا استقر الإيمان على القلب كان التسليم لله في أحكامه، وينبغي أن يبين لهم ما حقيقة دين الإسلام وأنه الدين الحق بالإضافة إلى بيان ما في دينهم من أباطيل لا انفكاك لهم عنها، ويمكن الاستعانة في كل هذا بالفتاوى التالية أرقامها: 54711، 127661، 30506، 53029، 10326.
ولمعرفة شيء من حكم مشروعية التعدد عموماً راجع الفتويين رقم: 2286، ورقم: 35215.
وننبه إلى أنه لا يجوز للمسلم اتخاذ الكافر صديقاً خليلاً، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 56692.
كما أن مجادلة الكافرين تقوم على أسس لا بد منها يمكنك مطالعتها في الفتوى رقم: 20818.
والله أعلم.