الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله أن يهدي هذه الفتاة لأرشد أمرها، وأن يرزقها توبة نصوحا، ثم لتعلم أن شعورها بالذنب والتقصير أمر حسن ولا شك، ولكن عليها أن تعالج هذا التقصير، وأن تجاهد نفسها في ترك ما هي مقيمة عليه من الذنوب، ولتعلم أنها إن صدقت في توبتها، وأقبلت على ربها واستعانت به على هدايتها، ولجأت إليه في أن يعيذها من شر نفسها، فإن الله تعالى سيعينها ويوفقها كما قال جل اسمه: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ {العنكبوت:69}.
ولتعلم أن خطر الذنوب عامة عظيم، وأنها مجلبة لسخط الله تعالى، فلتستحضر مراقبة الله لها واطلاعه عليها، وإحاطته بها، وأنه تعالى سميع بصير، لا يخفى عليه شيء من أمرها، فإن هذه المعاني إذا حضرت في قلبها استحيت من الله تعالى أن تبارزه بالمعصية والمخالفة، ولتتفكر في عاقبة الذنوب ومآلها، وأن لذتها العاجلة تنقضي، ولكنها تعقب حسرة وألما لا تفي هذه اللذة بشيء منه، فضلا عما أعده الله للعاصين في الآخرة إن لم يتغمدهم برحمته.
فمثل هذه المعصية مثل طعام شهي لذيذ لكنه مسموم، فالعاقل ينهاه ما يعلمه فيه من السم عن تناوله لعلمه أن ضرر سمه أعظم بأضعاف مضاعفة من اللذة الحاصلة من تناوله، وأخطر ما ذكر مما تفعله تلك الفتاة هو تركها للصلاة أحيانا، ولو أنها واظبت على الصلوات في أوقاتها لكانت صلاتها ناهية لها عن سائر المعاصي بإذن الله، ولأعانها الحفاظ على الصلاة على التوبة النصوح، ولبيان خطورة ترك الصلاة تنظر الفتوى رقم: 130853.
وأما أمر الجن فالأصل عدمه، وننصح بألا يفتح المسلم على نفسه هذا الباب فينسب ما يصيبه إلى الجن ما لم تقم البينة الواضحة على هذا الأمر، فإن فتح باب هذه الأوهام يجر إلى شر عظيم، وأما ما يكنه لها أهلها من الحقد فقد تكون مسيئة للظن بهم، وعلى تسليم صحة هذا فلتدفع السيئة بالحسنة كما قال تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34} . وإن لم تقو على هذا فلتجتهد في اتقاء شرهم وأذاهم ما أمكن.
والله أعلم.