الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن حق الزوجة على زوجها أن يعاشرها بالمعروف امتثالا لأمر الله تعالى في قوله: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19}.
فإن كان والدكم على هذا الحال من التعامل مع أمكم ففعله هذا يناقض هذا التوجيه الرباني، ولا يجوز له أن يتهمها، أو يتهم أي مسلم بما يشين من غير بينة، فالأصل في المسلمين حمل أمرهم على السلامة حتى يتبين خلافها، وراجع الفتوى رقم: 19659.
وأما ما كان منها من عدم إجابتها له إلى الفراش لمجرد كرهها له فأمر لا يجوز ويجب عليها التوبة منه، إذ الواجب على المرأة طاعة زوجها في ذلك، كما هو مبين بالفتوى رقم: 12805.
وإذا لم تكن هذه الطلقة التي أوقعها والدكم هي الطلقة الثالثة ولا تزال أمكم في العدة فله الحق في رجعتها بغير رضاها ومن غير عقد جديد، قال تعالى: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحًا {البقرة:228}.
فإن انقضت العدة فلا يجوز له ارتجاعها إلا برضاها وبعقد جديد، وانظر الفتوى رقم: 111917.
وتصح مخالعة الرجعية في قول الجمهور، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية قولهم: وأما مخالعة الزوج لها ـ أي الرجعية ـ في أثناء العدة فتصح عند المالكية ولا تسترد المال الذي دفعته للزوج، ولزم الزوج أن يوقع عليها طلقة أخرى بائنة, وتصح أيضا عند الشافعية في أظهر الأقوال, وهو أيضا ما ذهب إليه الحنابلة سوى الخرقي, لأنها زوجة صح طلاقها فصح خلعها كما قبل الطلاق، وذهب الشافعية في قول إلى عدم صحة مخالعتها، لعدم الحاجة إلى الافتداء, وذهب الشافعية في قول آخر ذكره النووي في الروضة بلفظ, قيل: الرجعية يصح خلعها بالطلقة الثالثة دون الثانية لتحصل البينونة الكبرى. اهـ.
وما دامت أمكم متضررة من الاستمرر مع زوجها فلها الحق في طلب الطلاق ولا تأثم بذلك، ومن حقها أيضا إخراجه من بيتها ما دام ملكا لها كما ذكرت وراجع الفتوى رقم: 119078.
وإذا بانت منه لم يجز له مساكنتها في نفس البيت إلا إذا كان في جزء منه مستقل بمرافقه، لأنها قد أصبحت أجنبية عنه، كما سبق وأن بينا بالفتوى رقم: 12921.
والذي نراه هو أن تجتهدوا في الصلح بين والديكم، فقد يحتاج كل منهما للآخر وخاصة عند تقدم السن بهما.
والله أعلم.