الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فننبه أولا على أن الزنا معصية شنيعة وكبيرة من كبائر الذنوب ثبت النهي عنها والتحذير منها وعلى من ابتلي بها المبادرة بالتوبة إلى الله تعالى والإكثار من الاستغفار، وراجع الفتوى رقم: 102840.
ثم إن ما ولدته المرأة إن كان المقصود أنه ولد قبل النكاح، فهذا ابن زنا - والعياذ بالله - ولا يلحق بالزاني ولا بالزوج، وكذا الحال إذا كان قد ولد لأقل من ستة أشهر من إمكان الوطء بعد عقد النكاح، وأما إن كان ولد لمدة ستة أشهر فأكثر بعد عقد النكاح عليها وإمكان حصول الوطء بعده فهو لاحق بالزوج مالم ينفه بلعان، والأصل في هذا ما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الولد للفراش. متفق عليه.
قال النووي في شرحه على صحيح مسلم: فمعناه أنه إذا كان للرجل زوجة، أو مملوكة صارت فراشا له فأتت بولد لمدة الإمكان منه لحقه الولد وصار ولدا يجرى بينهما التوارث وغيره من أحكام الولادة سواء كان موافقا له في الشبه أم مخالفا، ومدة إمكان كونه منه ستة أشهر من حين اجتماعهما، أما ما تصير به المرأة فراشا، فإن كانت زوجة صارت فراشا بمجرد عقد النكاح ونقلوا في هذا الإجماع وشرطوا إمكان الوطء بعد ثبوت الفراش. انتهي.
وقال ابن قدامة في المغني: وجملة ذلك أن الزوج إذا ولدت امرأته ولدا يمكن كونه منه فهو ولده في الحكم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش ـ ولا ينتفي عنه إلا أن ينفيه باللعان التام الذي اجتمعت شروطه. انتهى.
وعليه، فالولد المذكور لا حق بذلك الزوج إن كان قد ولد لستة أشهر بعد عقد النكاح وإمكان الوطء، وسكوتُه بعد العلم بالولد مانع من اللعان وأحرى إن دام السكوت المدة المذكورة، لأن من شروط اللعان المبادرة بعد العلم بالولد، جاء في المواق للتاج والإكليل: ابن الحاجب: شرط اللعان في الولد أن لا يطأها بعد الرؤية، أو العلم بالوضع، أو الحمل وأن لا يؤخر بعد العلم بالوضع، أو الحمل. انتهى.
وإقرار الزوجة بالزنا لا ينفي نسب الولد عمن ولد على فراشه ، ولا أثر لرفض الزاني الاعتراف بهذا الولد، فهو غير لا حق به على كل حال، والفصل في مثل هذه المسائل لا بد فيه من الرجوع للمحاكم الشرعية.
والله أعلم.