الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا غلب على ظنك أن ما حصل لك إنما هو عن حسد هذا الشخص فيشرع لك أن تطلب منه أن يغتسل لك، فعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: العين حق ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين، وإذا استغسلتم فاغسلوا. رواه مسلم وغيره.
ولكن طلبك ذلك منه ليس على سبيل الوجوب، لأن الصيغة لا تدل على الوجوب ولم نطلع على من قال بذلك من أهل العلم، بل غاية الأمر أنه يكون من باب التداوي وهو غير واجب في مثل هذه الحالات، كما بيناه في الفتوى رقم: 30645.
وعليه، فلا يلزمك أن تطالبه أن يغتسل لك، ولكن إذا طلبت منه ذلك فهنا يجب عليه أن يجيبك لظاهر دلالة الأمر في قوله صلى الله عليه وسلم: وإذا استغسلتم فاغسلوا.
جاء في شرح النووي على مسلم: قال المازري: والصحيح عندي الوجوب، ويبعد الخلاف فيه إذا خشي على المعين الهلاك وكان وضوء العائن مما جرت العادة بالبرء به، فإنه يصير من باب من تعين عليه إحياء نفس مشرفة على الهلاك وقد تقرر أنه يجبر على بذل الطعام للمضطر فهذا أولى. انتهى.
وفي عمدة القاري شرح صحيح البخاري: ويؤمر العائن بالاغتسال ويجبر إن أبى، لأن الأمر حقيقة للوجوب ولا ينبغي لأحد أن يمنع أخاه ما ينتفع به أخوه ولا يضره هو لا سيما إذا كان سببه وهو الجاني عليه. انتهى.
وقد سبق مزيد بيان لهذا في الفتوى رقم: 110802.
وقد سبق أن بينا صفة هذا الاغتسال في الفتوى رقم: 32262.
والله أعلم.