الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحديث المشار إليه رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما، وكلمة مرحبا وغيرها من العبارات التي تقال للضيف والقادم إيناسا وتكريما مثل أهلا وسهلا ونحوها، كل ذلك من إكرام الضيف ومكارم الأخلاق، لكنها لا تقوم مقام السلام تحية الإسلام وليس فضلها مثل فضله، فإن البدء بالسلام سنة, ورده واجب, لقول الله تعالى: وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا {النساء: 86}.
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإفشائه بصفة خاصة، وهو من شعائر الإسلام الظاهرة، ومن أسباب المحبة بين المسلمين التي هي من أسباب دخول الجنة، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم.
وعلى هذا، فلا ينبغي الاقتصار على كلمة مرحبا ولا غيرها من عبارات الترحيب، لأن تحية الإسلام هي السلام؛ ولكن لو حياه بغير ذلك جاز، كما بيناه في الفتوى رقم: 19566 فراجعها.
ومعنى مرحبا أي صادفت رحبا وسعة، قال الحافظ ابن حجر عند شرح الحديث المذكور: وفيه دليل على استحباب تأنيس القادم وقد تكرر ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم، ففي حديث أم هانئ مرحبا بأم هانئ، وفي قصة عكرمة بن أبي جهل مرحبا بالراكب المهاجر، وفي قصة فاطمة مرحبا بابنتي، وكلها صحيحة، وأخرج النسائي من حديث عاصم بن بشير الحارثي عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له لما دخل فسلم عليه: مرحبا وعليك السلام. انتهى.
والله أعلم.