الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا تعارض إن شاء الله بين الحديثين، وذلك أن الحديث الأول بشارة كريمة من الله تعالى لمن ختم له بكلمة التوحيد أن يدخل الجنة، فيكون توفيقه للنطق بهذه الكلمة سببا من أسباب رحمته، مضافا إلى ما دلت عليه النصوص الأخرى من أسباب الرحمة التي منها التوبة قبل الغرغرة.
قال النووي نقلا عن عياض في شرحه على مسلم: ويجوز في حديث من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة أن يكون خصوصا لمن كان هذا آخر نطقه وخاتمة لفظه، وإن كان قبل مخلطا، فيكون سببا لرحمة الله تعالى إياه ونجاته رأسا من النار وتحريمه عليها، بخلاف من لم يكن ذلك آخر كلامه من الموحدين المخلطين. انتهى
واعلم أنه لا يوفق لهذا غالبا إلا من كان تائبا مستقيما على الشرع معظما للأمر والنهي، وأما من كان مصرا على المعصية متماديا فيها فإنه لا تحسن خاتمته غالبا.
يقول ابن القيم رحمه الله: فكيف يوفق لحسن الخاتمة من أغفل الله سبحانه قلبه عن ذكره واتبع هواه وكان أمره فرطا؟ فبعيد من قلب بعيد من الله تعالى غافل عنه متعبد لهواه أسير لشهواته ولسانه يابس من ذكره وجوارحه معطلة من طاعته مشتغلة بمعصية الله أن يوفق لحسن الخاتمة. انتهى.
والله أعلم.