الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن هذا لا يعتبر استهزاء بالدين. وإن كان فيه شيء من الاستهزاء فهو استهزاء بالقساوسة ومن يصدق كلامهم من الجهال الذين لا يعقلون.
فالاستهزاء هو: الاستخفاف والاستهانة بالشيء، أو السخرية والتهكم بما فيه تنقص وتحقير وازدراء وهو ما لم يحدث منك إن شاء الله تعالى.
وعليك بالإعراض الكلي عن مثل هذه الوساوس. فقد سئل ابن حجر الهيتمي عن داء الوسوسة هل له دواء؟ فأجاب بقوله: له دواء نافع، وهو الإعراض عنها جملة كافية، وإن كان في النفس من التردد ما كان، فإنه متى لم يلتفت لذلك لم يثبت بل يذهب بعد زمن قليل كما جرب ذلك الموفقون، وأما من أصغى إليها وعمل بقضيتها فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين، بل وأقبح منهم كما شاهدناه في كثيرين ممن ابتلوا بها وأصغوا إليها وإلى شيطانها.. فتأمل هذا الدواء النافع الذي علمه من لا ينطق عن الهوى لأمته، واعلم أن من حرمه فقد حرم الخير كله، لأن الوسوسة من الشيطان اتفاقاً، واللعين لا غاية لمراده إلا إيقاع المؤمن في وهدة الضلال والحيرة ونكد العيش وظلمة النفس وضجرها إلى أن يخرجه من الإسلام وهو لا يشعر (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا).. وذكر العز بن عبد السلام وغيره نحو ما قدمته فقالوا: دواء الوسوسة أن يعتقد أن ذلك خاطر شيطاني وأن إبليس هو الذي أورده عليه وأنه يقاتله فيكون له ثواب المجاهد لأنه يحارب عدو الله، فإذا استشعر ذلك فر عنه. انتهى.
وقد بينا معنى الاستهزاء، وحذرنا من الوسوسة في هذا الباب في فتاوى كثيرة. وراجع للفائدة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 137826، 137096، 137074، 137818، 136813، 134722، 131591، 122926.
والله أعلم.