الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن صرف المال في بناء المساجد من أفضل القربات، ومن أعظمها أجراً، وهو من الصدقة الجارية، فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: من بنى لله عز وجل مسجدا ولو مفحص قطاة بنى الله له بيتاً في الجنة. رواه أحمد وابن ماجه وغيرهما وصححه الألباني.
وكذلك الصدقة على القريب المحتاج من أفضل الصدقات وأعظمها أجرا لجمعها بين الصدقة والصلة، ولا شك أن الحاجة للمسكن من الضروريات ،إلا أننا لم نجد لأهل العلم نصا صريحا يفيد المفاضلة بين الأمرين المذكورين، لكن الظاهر من القواعد الفقهية أن ذلك ينظر فيه إلى الحاجة، فقد يكون القريب محتاجا أشد الحاجة، ولا يجد جهة تساعده على بناء مسكن، وفي هذه الحالة تكون الصدقة عليه أفضل، وقد تكون الحاجة ماسة لبناء مسجد، ويكون الشخص المذكور عنده من المال ما يستطيع به بناء مسكن، لكنه يدخره لأمور أخرى غير ضرورية، وعلى هذا فإن كان قريبك عاجزا عن بناء مسكن، ولم يمكن الجمع بين مساعدته وبناء المسجد، فالظاهر أن مساعدته أولى؛ لأن الكثير من المحسنين يرغبون في بناء المساجد، وكذلك الهيئات الخيرية بخلاف مساعدة المحتاجين لمثل هذه الضروريات، فلا ينتبه لها الكثير من الناس، لاسيما إذا كان الشخص متعففا. وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم اثنتان: صدقة وصلة. رواه أحمد والنسائي وابن ماجه والحاكم وصححه الأرنؤوط والألباني.
وإن كانت هناك حاجة ماسة لبناء مسجد، وكان قريبك عنده من المال ما يستطيع به بناء مسكن، فالأولى بناء المسجد ، وللفائدة فيما يتعلق بالموضوع راجع الفتوى رقم: 100548 . والفتوى رقم: 79703.
والله أعلم.