الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يكشف غمتك، ويفرج كربتك، وييسر لك حاجتك، ويرزقك من حيث لاتحتسب، فهو مأوى المضطرين، وكاشف كرب المكروبين، ما خاب عبد سأله، واطرح بين يديه، فالملجأ إليه والتوكل عليه. في الحديث القدسي: ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ متفق عليه.
فأنزل حاجتك به، واشك إليه بثك وحزنك أسوة بيعقوب بن أسحاق حيث قال الله عنه: قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ { يوسف:86} فكشف الله غمه ورد عليه ابنه.
فاستعن بالله عز وجل على قضاء حوائجك، وأكثر من الاستغفار، فهو من أسباب الرزق وفتح أبوابه قال تعالى: حكاية عن نوح: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا {نوح:10-12 }
ولا تنس أن تدعو بهذا الدعاء، فقد روى أبو داود من حديث أبي سعيد الخدري قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم المسجد، فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو أمامة، فقال: يا أبا أمامة؛ ما لي أراك جالسا في المسجد في غير وقت الصلاة؟ قال: هموم لزمتني وديون يا رسول الله، قال: أفلا أعلمك كلاما إذا أنت قلته أذهب الله عز وجل همك وقضى عنك دينك؟ قال: قلت: بلى يا رسول الله، قال: قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال، قال: ففعلت ذلك فأذهب الله عز وجل همي، وقضي عني ديني. رواه الترمذي وحسنه.
ثم إننا ننبهك إلى أن المرء قد يحرم الرزق بسبب الذنب يصيبه، كما في الحديث، ويمنع إجابة الدعاء بسبب تلبسه بالحرام في مطعمه وملبسه وغيره. في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: ( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً إني بما تعملون عليم) وقال: يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ) ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟.
فأطب مطعمك تستجب دعوتك، واتق الله عز وجل يرزقك من حيث لاتحتسب، واستعن به يقض حاجتك، ولازم أذكار الصباح والمساء تقيك بإذن الله من عمل الشيطان وأعوانه من الإنس والجان، مع بذل الأسباب المادية التي توصل إلى المطلوب.
والله أعلم.