الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق أن بينا أن المسلم لا يجوز له أن يعين على معصية وإذا علم أن من يعلمه سيستخدم ما يعلمه في الشر، أو فيما هو مخالف للشرع، فإنه يكون مشاركاً له في الإثم وعليه مثل وزره، لأنه حينئذ في حكم إعطاء العنب لمن يعصره خمراً، أو السلاح لمن يتخذه للحرابة، فقد روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلاله كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص من آثامهم شيئاً. وانظر الفتوى رقم: 53279.
ومع ذلك، فإن من اعترف بذنبه وأقبل على الله بصدق وتاب إليه خوفاً منه وتعظيماً له ورجاء عفوه وثوابه، فإن ا لله يفرح بتوبته ويغفر ذنبه، فقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ {التحريم:8}.
ومن تمام توبتك أن تبذل جهدك في إزالة وحذف ما استطعت إزالته من الأجهزة والبرامج الفاسدة، ونصح من علمتهم، أو ساعدتهم في تركيب الأجهزة، أو تنزيل البرامج، فإذا بذلت جهدك في إصلاح ما كنت سبباً في إفساده وصدقت في توبتك وندمت على ما كان منك، فقد أديت ما عليك ولن يضرك بعد ذلك ـ إن شاء الله ـ ما لم تستطعه ولو لم يستجب لك من نصحتهم، أو بقيت آثار ما عملت، قال صاحب المراقي:
من تاب بعد أن تعاطى السببا * فقد أتى بما عليه وجبا
وإن بقي فساده كمن رجع * عن بث بدعة عليها يتبع.
وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 25575، 103178، 124586، وما أحيل عليه فيها.
وأما حرصك على تنزيل القنوات الدينية: فإنه عمل تشكر عليه وتؤجر ـ إن شاء الله تعالى ـ لما فيها من الخير وتعليم الناس ما ينفعهم في دينهم ودنياهم فهو من التعاون على البر والتقوى، وانظر الفتوى رقم: 53279. وإذا كان من هذه القنوات ما يبث المعازف فلا يجوز لك أن تساعد في تنزيله، وسبق أن بينا حكم المعازف وأنواع الغناء في الفتوى رقم: 987.
والله أعلم.