الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الأشياء إذا كان المكتوب عليها فيه اسم من أسماء الله تعالى، أو أنبيائه، فإنه يجب احترامها وصيانتها عن الامتهان، سواء كانت بالعربية، أو بلغة أخرى، إذا علم أن المراد بذلك المكتوب اسم الله تعالى، وأما إن لم يرد به اسم الله تعالى، كما في: يل ـ الواردة في كلمة وكشيل التي قلت أنها اسم شركة، فإن هذا ليس حكمه مثل حكم اسم الله تعالى وإن كان احترام جميع الحروف أمرا مرغبا فيه، بل أوجبه بعض العلماء، ولكنه لا يرتد من تركه ملقى ولا من لم ينه عن عدم احترامه، قال ابن حجر في فتاواه: فإن القرآن وكل اسم معظم، كاسم الله، أو اسم نبي له يجب احترامه وتوقيره وتعظيمه، والمقصود بأسماء الأنبياء ما يفهم منه أنه لنبي، بحيث يقرن به من العبارات ما يفهم أنه لنبي، كمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو عيسى عليه الصلاة والسلام، أو موسى كليم الله ونحو ذلك، أما مجرد اسم محمد، أو عيسى، أو موسى، فلا يأخذ هذا الحكم. اهـ.
وجاء في حاشية الدسوقي على الشرح الكبير عند قول صاحب الشرح: ويكره الاستنجاء بيد فيها خاتم فيه اسم الله، أو اسم نبي ـ قال: وقوله: واسم نبي، أي مقرون بما يعنيه كالصلاة والسلام، لا مجرد الاشتراك. اهـ.
وإذا لم يكن المكتوب مما يعظمه الشرع، فإن كثيراً من أهل العلم رأوا حرمة كل مخطوط باللغة العربية، ومنهم من قال بحرمة الحروف مطلقاً عربية كانت، أو غير عربية، قال الدسوقي: قال الشيخ إبراهيم اللقاني: محل كون الحروف لها حرمة إذا كانت مكتوبة بالعربي، وإلا فلا حرمة لها، إلا إذا كان المكتوب بها من أسماء الله. وقال علي الأجهوري: الحروف لها حرمة، سواء كتبت بالعربي، أو بغيره، وهو ما يفيده الحطاب وفتوى الناصر، قال شيخنا: وهو المعتمد. اهـ.
وقال ابن عابدين ـ وهو من الحنفية: نقلوا عندنا أن للحروف حرمة ولو مقطعة. اهـ.
وقد نص أهل العلم في باب الردة على أن إلقاء المكتوب الذي يتضمن أسماء الله تعالى وأسماء الأنبياء إنما يكفر فاعله إذا فعل ذلك بقصد الاستهزاء، ففي حاشية قليوبي وعميرة في الفقه الشافعي: ومثل المصحف الحديث وكل علم شرعي، أو ما عليه اسم معظم، ولا بد في غير القرآن من قرينة تدل على الإهانة وإلا فلا.
ثم ننبه السائل الكريم على أنه لا يجب عليه تتبع المكتوبات للتأكد من عدم وجود اسم الله فيها، فيوقع نفسه في الحرج والمشقة البالغة، فإن هذا منفي عن الشريعة، كما قال تعالى: مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ {المائدة:6}.
وقال سبحانه: هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78}.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن خير دينكم أيسره، إن خير دينكم أيسره. رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني.
وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم: إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا. رواه البخاري.
والله أعلم.