الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن أعظم أسباب ضلال الخلق ووقوعهم في المعاصي والسيئات فتنة النساء، وهي من أهم وسائل الشيطان لإغواء بني آدم ودخولهم النار، قال تعالى: يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ {الأعراف: 27}.
روى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بنى إسرائيل كانت في النساء.
فإن كنت تحب الله وتحب رسوله صلى الله عليه وسلم فلا تخالف لهما أمرا، فإن الطاعة دليل المحبة، قال تعالى: قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {آل عمران:31 }.
ومن أهم ما يمكن أن يعصمك من شياطين الإنس والجن تذكر الموت والحساب والجزاء، فتذكر القبر وضمته والصراط وزلته والنار وأهوالها، فمن خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة. قال تعالى: وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ {البقرة: 223}.
وقال سبحانه: وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَاللّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ. {آل عمران: 30}.
واستشعر عظمة الله وأنه الواحد القهار، فقد يقبض روجك في اللحظة التي تكون فيها مع هذه الفتاة، فكيف سيكون حالك إذا لقيت الله تعالى على خاتمة سيئة؟ ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 56824والفتوى رقم: 94230.
ونوصيك بالحذر من الوحدة فهي مصيدة من مصائد الشيطان للعبد، وقد نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم، ففي مسند أحمد عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الوحدة أن يبيت الرجل وحده أو يسافر وحده. فهذه الوحدة هي سبب تزيين الشيطان، وهذا التزيين هو الذي أسميته ترحيب عقلك الواعي بالفكرة، فسارع إلى علاج هذا الأمر ومساكنة بعض الصالحين لتطرد عنك الشياطين.
وإن لم تكن متزوجا فبادر إلى الزواج لتعف نفسك عن الحرام، فإن لم تستطع فعليك بالصوم فإنه يكسر الشهوة ويبعث النفس على التقوى، ففي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء.
وفي الختام نوصيك بأن تكثر من دعاء الله تعالى، فالدعاء سلاح المؤمن، وقد نجى الله تعالى به يوسف عليه السلام من كيد امرأة العزيز ومن معها من النساء، قال الله تعالى: قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ * فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ {يوسف: }.
وقد نال يوسف عليه السلام بذلك عز الدنيا والآخرة، أما ترضى لنفسك ذلك بدلا من ذل الدنيا والآخرة.
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سبعة يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عدل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه.
والله أعلم.