الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلمي أولا أن بعض أهل العلم يرى أن المرأة إذا رأت الجفوف في مدة العادة لم يلزمها أن تبادر بالغسل ولها أن تنتظر اليوم ونصف اليوم لأن عادة الدم أنه ينقطع ويجري، وهذا اختيار ابن قدامة رحمه الله، وأما ما ذكرته من الانتظار يوما وليلة بعد رؤية الطهر ولو في غير مدة العادة فلا نعلم قائلا به من العلماء، وانظري الفتوى رقم: 135974.
واعلمي أيضا أن من أفتاك باعتبار الكدرة حيضا دون الصفرة قد قال بما لا نعلم قائلا به من العلماء، بل ذهب بعض العلماء إلى عكس ذلك وأن الصفرة حيض في زمن الإمكان بخلاف الكدرة فلا تعد حيضا إلا أن يتقدمها دم وعزاه النووي إلى أبي يوسف، وأقوال العلماء ومذاهبهم في الصفرة والكدرة مبينة في الفتوى رقم: 117502 فانظريها.
وإذا علمت أن ما تفعلينه ليس جاريا على شيء من المذاهب المتبوعة فنحن نبين لك ما يجب عليك فعله فيما نرجحه وبه يزول عنك الإشكال إن شاء الله، فإذا رأيت دم الحيض فأمسكي عن الصلاة وسائر ما تمسك عنه الحائض، فإذا رأيت الطهر بإحدى علامتيه الجفوف أو القصة البيضاء فبادري بالاغتسال ولك جميع أحكام الطاهرات، ولكن إذا كان طهرك بالجفوف لا القصة البيضاء في مدة العادة لا بعدها فبعض أهل العلم يرى أنه لا يلزمك المبادرة بالاغتسال بل لك أن تتلومي اليوم ونصف اليوم على ما مر إيضاحه والمفتى به عندنا الأول وهو الأحوط، ثم إذا رأيت بعد الطهر دما في مدة الإمكان وهي الخمسة عشر يوما فقد عدت حائضا، وطهرك بين الدمين طهر صحيح وإن كان محسوبا من مدة الخمسة عشر يوما، وانظري الفتوى رقم: 138491.
وأما إذا رأيت صفرة أو كدرة بعد رؤية الطهر فإن كان ذلك في زمن العادة فهو حيض، وإن كان بعد زمن العادة فلا تلتفتي إليه ولا تعديه حيضا، وانظري الفتوى رقم: 134502، وإذا عاودك الدم وتجاوزت مدته مضموما إليه ما قبله من حيض ونقاء خمسة عشر يوما فقد صرت مستحاضة، فتغتسلين وتصلين وتفعلين ما تفعله المستحاضة من التحفظ بشد خرقة أو نحوها على الموضع، وتتوضئين لكل صلاة بعد دخول وقتها وتصلين بهذا الوضوء الفرض وما شئت من النوافل، ثم ترجعين إلى عادتك السابقة إن كنت تعرفينها وما زاد عليها تعدينه استحاضة فتغتسلين بعد انقضاء أيام العادة وتفعلين ما ذكرنا مما يلزم المستحاضة فعله، فإن لم يكن لك عادة فإنك تعملين بالتمييز فما ميزت فيه صفة دم الحيض بلونه وريحه وغلظه والألم المصاحب لخروجه تعدينه حيضا وما عداه يكون استحاضة، وإن لم يكن لك عادة ولا تمييز جلست غالب عادة نسائك ستة أيام أو سبعة تغتسلين بعدها وما عداها يكون استحاضة.
والله أعلم.