الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحمد لله الذي منّ عليك بحفظ كتابه، ثم اعلم أن تثبيت المحفوظ وإتقان الحفظ له أسباب لا بد من تعاطيها ليرسخ محفوظك من القرآن في قلبك، فتستطيع استدعاءه متى احتجت إلى ذلك، ومن أهم تلك الأسباب تعاهد القرآن والإكثار من مراجعته، فإن القرآن أشد تفلتًا من صدور الرجال من الإبل في عقلها، كما في الحديث، فمهما أكثرت من المراجعة وعرض القرآن على الحافظين الأثبات، ومدارسته مع من هو أتقن منك، وأشد استحضارًا، كان ذلك عونًا لك على تحقيق مقصودك -بإذن الله- والإخلاص لله تعالى والاجتهاد في الدعاء، وفعل الطاعات ومجانبة المعاصي من أعظم الأسباب المعينة على ذلك، فإن المعاصي والذنوب مما قد يحول بين العبد وبين ما ينفعه من العلم، ومن ثم قال مالك للشافعي -رحمهما الله-: إني أرى الله ألقى عليك نوراً، فلا تذهبه بظلمة المعصية.
كما أن الاشتغال بتعليم القرآن وتحفيظه من أعظم ما يستعان به على تثبيت المحفوظ، فضلاً عما فيه من الفضل العظيم، وقد ثبت في الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: خيركم من تعلم القرآن وعلمه.
واجتهد -أيضًا- في معرفة معاني القرآن وتفسير آياته وتدبرها والعمل بها، فإن هذا من أعظم ما ينتفع به المسلم في دنياه وآخرته، هدانا الله وإياك سواء السبيل، ووفقنا وإياك للعمل بكتابه.
والله أعلم.