الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن لفظ الحديث المسئول عنه هو: لن يهلك الناس حتى يعذروا أو يعذروا من أنفسهم. رواه أبو داود عن عمرو بن مرة عن أبي البختري قال: أخبرني من سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول. وقال سليمان حدثني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لن يهلك الناس حتى يعذروا أو يعذروا من أنفسهم. وصححه الألباني.
ورواه الإمام أحمد عن شعبة عن عمرو بن مرة قال سمعت أبا البختري الطائي قال أخبرني من سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لن يهلك الناس حتى يعذروا من أنفسهم. وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
ومعنى الحديث أن الله سبحانه وتعالى لا يهلك الناس حتى يكثروا من الذنوب ثم لا يتوبون منها، فعند ذلك لم يبق لهم عذر فيستحقون العقوبة ويكون لله سبحانه وتعالى أبلغ العذر في عقوبتهم. قال المناوي في فيض القدير: ( لن يهلك الناس حتى يعذروا من أنفسهم ) أي تكثر ذنوبهم وعيوبهم ويتركون تلافيها فيظهر عذره تعالى في عقوبتهم فيستوجبون العقوبة. قال البيضاوي : يقال أعذر فلان إذا كثرت ذنوبه فكأنه سلب عذره بكثرة اقتراف الذنوب أو من أعذر أي صار ذا عذر. والمراد يذنبون فيعذرون أنفسهم ويحسبون أنهم يحسنون صنعا. انتهى.
وقال في عون المعبود شرح سنن أبي داود: (وقال في فتح الودود المشهور أنه بضم الياء من أعذر فقيل معناه حتى يكثر ذنوبهم من أعذر إذا صار ذا عيب وقيل معناه حتى لم يبق لهم عذر بإظهار الحق لهم وتركهم العمل به بلا عذر ومانع من أعذر إذا زال عذره فكأنهم أزالوا عذرهم وأقاموا الحجة لمن يعذرهم حيث تركوا العمل بالحق بعد ظهوره، وقيل عذره إذا جعله معذورا في العقاب وإليه يشير تفسير الصحابي فإنه جاء هذا الحديث عن ابن مسعود فقيل له كيف يكون ذلك فقرأ هذه الآية: فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين. انتهى
والله أعلم.