الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن نسبة هذا الكلام لابن القيم في كتابه مدارج السالكين صحيحة، فقد قال ـ رحمه الله تعالى ـ في الكتاب المذكور تحت عنوان: فصل: وههنا أمر ينبغي التفطن له وهو أن الكبيرة قد يقترن بها من الحياء والخوف والاستعظام لها ما يلحقها بالصغائر، وقد يقترن بالصغيرة من قلة الحياء وعدم المبالاة وترك الخوف والاستهانة بها ما يلحقها بالكبائر، بل يجعلها في أعلى رتبها، وهذا أمر مرجعه إلى ما يقوم بالقلب.
ثم قال في هذا السياق: ونزيد ههنا إيضاحاً لعظم هذا المقام من شدة الحاجة إليه اعلم أن أشعة لا إله إلا الله تبدد من ضباب الذنوب وغيومها بقدر قوة ذلك الشعاع وضعفه فلها نور، وتفاوت أهلها في ذلك النور قوة وضعفاً لا يحصيه إلا الله تعالى، فمن الناس من نورها في قلبه إلخ.
ويؤيد هذا المعنى ما رواه شيخ المفسرين الطبري في تفسيره لقول الله تعالى: يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم ـ عن قتادة قال: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: من المؤمنين من يضيء نوره من المدينة إلى عدن أبين فصنعاء فدون ذلك حتى إن من المؤمنين من لا يضيء نوره إلا موضع قدميه ـ وعن عبد الله قال: يؤتون نورهم على قدر أعمالهم فمنهم من يؤتى نوره كالنخلة ومنهم من يؤتى نوره كالرجل القائم وأدناهم نوراً على إبهامه يطفأ مرة ويتقد مرة.
والله أعلم.