الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أولاً أن التفكر في القيامة وأهوالها ومواقفها والجنة والنار وما أعد فيهما لأهل السعادة وأهل الشقاوة أمر حسن، وهو من أعظم ما ترق به القلوب وتزول عنها به الغفلة، وكذا التفكر في معاني صفات الرب عز وجل دون خوض بالفكر في كيفيتها هو من الأمور المهمة التي يحصل بها صلاح القلب، وأما التفكر في كيفية صفات الرب تبارك وتعالى فأمر يؤدي إلى الهلكة، والعباد قاصرون عن معرفة كنه صفاته تبارك وتعالى، ولذا فمعتقد أهل السنة في هذا الباب أن يمروا الصفات الثابتة للرب تعالى كما جاءت بها النصوص في الكتاب والسنة مع اعتقاد تنزه الرب عز وجل عن مشابهة المخلوقين واعتقاد عجز العقول عن معرفة كيفية صفاته تبارك وتعالى وأنه مهما خطر بالبال شيء من ذلك فالله منزه عنه، كما قال تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ.
وقال تعالى: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا { مريم: 65}.
وقال تعالى: وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ { الإخلاص:4 }.
وقال تعالى: وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا {البقرة:255 }.
فإذا استقر في نفسك ما قدمناه وانعقد عليه قلبك واطمأنت به نفسك لم يضرك ما يعرض لك من التخيلات والوساوس في هذا الباب، فإذا عرض لك شيء من الوسوسة في تكييف صفات الرب تعالى فتعوذ بالله من الشيطان وجاهد نفسك في الانتهاء عن ذلك، واعلم أن من رحمة الله بعباده أن تجاوز لهم عما حدثت به أنفسهم ما لم يعملوا، أو يتكلموا فلا تشغل نفسك بهذه الوساوس، بل أعرض عنها واعلم أن اجتهادك في مجاهدة الوساوس المذمومة مما تؤجر عليه ـ إن شاء الله.
والله أعلم.